الرابع. ما يستعان به باستعارات واشتقاقات بعيدة، كما قاله بعض الناس في البقر إنه إنسان يبقر عن أسرار العلوم. وفي الهدهد: إنه إنسان موصوف بجودة البحث والتنقير.
فالأول: أكثر ما يروج على المتفقهة الذين لم يقووا في معرفة الخاصّ والعام.
والثاني: على المتكلم الذي لم يقو في معرفة شرائط النظم.
والثالث: على صاحب الحديث الذي لم يتهذب في شرائط قول الأخبار.
والرابع: على الأديب الذي لم يتهذب بشرائط الاستعارات والاشتقاقات.
والمنقاد من التأويل: ما لا يعرض فيه البشاعة المتقدمة، وقد يقع الخلاف فيه بين الراسخين في العلم لإحدى جهات ثلاث:
إما لاشتراك في اللفظ نحو قوله:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} ل [الأنعام: ١٠٣] هل هو من بصر العين، أو من بصر القلب؟ أو لأمر راجع إلى النظم نحو قوله: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: ٤، ٥] هل هذا الاستثناء مقصور على المعطوف، أو مردود إليه وإلى المعطوف عليه معًا.
ويقول ابن الأثير:(النهي عن تفسير القرآن بالرأي) لا يخلو، إما أن يكون المراد به: الاقتصار على النقل والمسموع، وترك الاستنباط، أو المراد به: أمر آخر، وباطل أن يكون المراد به: أن لا يتكلّم أحدٌ في القرآن إلّا بما سمعه، فإنّ الصحابة رضي الله عنهم قد فسروا القرآن، واختلفوا في تفسيره على وجوه، وليس كل ما قالوه سمعوه من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنّ النبي دعا لابن عباس فقال: "اللهم فقهه في الدِّين
(١) مقدمة جامع التفاسير مع سورة الفاتحة ومطالع البقرة ص ٨٤.