وفي الفصل الرابع تحدث عن المنهج العرفاني في تفسير القرآن:
ويذكر الكاتب أن المقصود بذلك المعرفة التي تأتي عن طريق الرياضة والكشف.
لقد كانت الرياضة الروحية تتحرك داخل النبوة؛ لأنَّها تقوم عند الصوفيين على التأمل العميق في التوحيد والعبودية التامة لله عن طريق تصفية القلب واستقامة السلوك، ولكنها فيما بعد خرجت على الإسلام، وانحرفت عنه، وقد عرف النظام العرفاني بالغنوص عند الأمم التي كانت قبل الإسلام.
ويتناول الكاتب ضمن هذا المنهج: التفسير الإشاري، والتفسير الصوفي، والتفسير الباطني.
[التفسير الإشاري]
والإشارة تعني الإيماء، والمقصود به: التأملات التي تحصل عن طريق ما ينقدح في ذهن المفسر العارف في حالة استغراقه في الوجد والرياضة الروحية. لإدراك أمور لطيفة لها ارتباط ومناسبة مع ظواهر الآيات ..
ولذا اشترطوا ألا تصطدم تلك الحقائق المستنبطة مع ظاهر الآيات القرآنية، والكاتب يرى أن التفسير الإشاري بهذا المعنى الشرعي قديم يعود إلى عهد الصحابة، ويستدل لذلك بتفسير ابن عباس لسورة النصر (١).
إن التفسير الإشاري ما هو إلا محاولات عقلية ذكية تعمق في معاني الآيات وما ينطبق منها على النفس وآلافاق المرتبطة بالألفاظ وسياق الأسلوب ويساعد في الوصول إليها قوة الإيمان وإخلاص العبادة وصفاء النفس والبعد عن الهوى .. وقد تطور التفسير الإشاري شيئًا فشيئًا، حيث أفرد بالتأليف، ومن أقطابه سهل التستري
(١) ليس ما ذكره ابن عباس في معنى سورة الفتح من باب التفسير الإشاري، بل هو من باب التأويل، وما أبعد الفرق بين التفسير الإشاري، وبين التأويل، وسيأتي مزيد تفصيل لهذه القضية إن شاء الله.