للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنا أعرف اليوم -ولله الحمد والمنة- أنه ليس هناك جهد غبين فكل جهد مَجزيّ، وليس هناك تعب ضائع فأكل تعب مثمر وإن المصير مُرضٍ، وإنه بين يدي عادل رحيم، وأنا أشعر اليوم -ولله الحمد والمنة- أن الكون لا يقف تلك الوقفة البائسة أبدًا، فروح الكون تؤمن بربها وتتجه إليه وتسبح بحمده، والكون يمضي وفق ناموسه الذي اختاره الله له في طاعة وفي رضى وفي تسليم، وهذا كسب ضخم في عالم الشعور وعالم التفكير كما أنه كسب ضخم في عالم الجسد والأعصاب فوق ما هو كسب ضخم في جمال العمل والنشاط والتأثر والتأثير ... ) (١).

هذا هو سيد وتلك شخصيته فما هي الانعكاسات التي انعكست على تفسيره التي يمكنني أن أسميها ميزات التفسير.

[ميزات التفسير]

إن الميزة الأولى: في رأي هي الإيمان بالنص القرآني، إيمانًا يجعل كل المسلمات العقلية والعلمية خاضعة وتابعة للتقريرات القرآنية فلم ينجرف وراء العقل كما انجرف غيره، ولم يغال في محاولة التوفيق بين النص ونظريات العلم أو حقائقه كما رأينا من بعض من تصدى للتفسير.

يقول سيد رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: ٧] وتلمس موافقات من النظريات العلمية للنصوص القرآنية هو هزيمة لجدية الإيمان بهذا القرآن، واليقين بصحة ما فيه وأنه من لدن حكيم خبير، هزيمة ناشئة من الفتنة بالعلم وإعطائه أكثر من مجاله الطبيعي الذي لا يصدق ولا يوثق به إلا في دائرته، فلينتبه إلى دبيب الهزيمة في نفسه من يحسب أنه بتطبيق القرآن على العلم يخدم العقيدة ويثبت الإيمان! إن الإيمان الذي ينتظر كلمة العلم البشري المتقلبة ليثبت لهو إيمان يحتاج إلى إعادة النظر فيه) (٢).


(١) الظلال (٦/ ٣٣٥٢، ٣٣٥٣).
(٢) (٤/ ١٨٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>