يرجح السيد دروزة في تفسيره لفواتح السور - الحروف المقطعة - أنَّها جاءت للتنبيه واستدعاء السماع والأذهان لما يأتي بعدها، ويرى أن هذا القول أوجه ما قيل فيها، ومما يؤيد ذلك الترجيح والتوجيه عنده، هو اتباع بعض تلك الحروف بجمل قسمية. ولا يرى وجاهة في القول بأن تلك الحروف تنطوي على أسرار، أو أنَّها رمز إلى عدد آيات السور، بحجة أن ذلك ليس مما تحمله طبيعة مهمة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فضلًا على أن أمرًا بهذه الخطورة، لا يثبت إلا بدليل نقلي متواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى يفيدنا في ذلك العلم واليقين.
[رده القول برمزية الحروف]
ويرد السيد دروزة على السيد نصوح الطاهر حول موضع "أوائل السور في القرآن"، من أنَّها تحمل سرًّا يرمز إلى عدد آيات السور. فيقول:"ومن ينعم النظر فيها يرى تجوزًا وتلفيقًا بارزين في الحساب، وتسليمًا بروايات مدنية الآيات في السور المكية، ومكية الآيات في السور المدنية بدون سند وثيق، وعدم التسليم ببعضها بدون سند وثيق كذلك، لأجل الحساب والتطبيق. وهذا فضلًا عما يثيره هذا المذهب من إشكالات متنوعة، بعضها ذو خطورة شديدة. ومما يقوله السيد الطاهر أن الحروف في بعض السور، بل في معظمها، كانت ترمز إلى عدد آيات السور في مرحلة من المراحل، وقبل ترتيب آياتها نهائيًا، ثم أُضيف بعد هذه المرحلة إليها آيات أخرى، ومن السور المكية أضيف له آيات مدنية، ومن السور المدنية ما أضيف له آيات مكية، وأن من السور ما كان متداخلًا بعضه في بعض، فلما رتبت آيات السور اختل العدد الذي ترمز إليه الحروف في الحساب الأبجدي"(١).