منّ الله على الشيخ طنطاوي بسعة اطلاعه، فهو ذو ثقافة متنوعة الأبحاث متعددة المناحي، فإذا أضفنا لهذا ذكاءه وخياله، استطعنا أن ندرك سر هذا اليسر، وتلك السهولة والسلاسة في أسلوب الشيخ، وعلى الرغم مما في التفسير من مصطلحات ومباحث، وعلى الرغم مما فيه من كلام مترجم وغير مترجم، فإن القارئ لا يجد عناء، ولا يشعر بسآمة، ولا يحس بملل من أسلوب الشيخ، وربما يمج فكرة أو موضوعًا لذاته، ولكن لا من حيث الأسلوب. ولقد حاول مفسرنا رحمه الله أن يضيف لتلك السهولة في الأسلوب محسنات ومشوقات، فها هو مثلًا يأتي في أثناء التفسير بهذه الألفاظ، التي لم يألف القارئ وضعها في عناوين لأبحاث وفصول، كقوله (وهذا القسم في عشر ماسات وخمس زبرجدات وثلاث جواهر وياقوتتين) وهكذا يجري الشيخ على هذا المنوال.
كما أنه في تفسيره ينوع أسلوبه ويزينه، حتى يعود سائغًا لذة للدارسين، وحتى يؤدي دوره المرتقب في بعث العالم الإسلامي ورقيه كما يتوقع، فهو يضرب المثل، ويقرب المعنى بالقصة والمحاورة، ويزين الأفكار بحلل الخيال ومشاهد الجمال الكوني.
[أ - أسلوب القصة]
فها هو ذا في تفسيره لقصة موسى والرجل الصالح، في سورة الكهف يقص قصة خيالية بطلها الحارث بن همام، قال:(أخذتني سنة من النوم، فرأيت فيما يرى النائمون رجلين، وبينما نحن كذلك، إذ انقض طائر أبيض من فوق الشجرة، وأقبل إليهما وجلس بينهما، ثم انقلب فجأة رجلًا سويًّا، فقال: قد سمعت قولكما وفهمت ما دار بينكما، ثم التفت إلى الشيخ وقال: (هل قرأت قصة الخضر وموسى عليهما السلام في سورة الكهف؟ قال (نعم). قال: (هل تدري ما فيهما من