للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلطائف، ومنها لطيفة في هذه الآية، يضمنها حديثه عن الأرواح.

ويعترض عليه بأن قوله هذا، ليس منسجمًا مع النصوص القرآنية، فكيف يقصره على علم الأرواح؟ فيجيب الشيخ: (أنا لم أقل إن هذا هو المعنى، ولكن أقول إنه رمز له وإشارة، فالآية باقية على ظاهر معناها، ترمز إلى ما ذكرناه فالدابة باقية على المعنى الأصلي، نكل علمها إلى الله تعالى، وتكون رمزًا لهذا، وهذا قسم من أقسام الكناية في علم البيان، فاللفظ على حاله يشير لما اقترب منه، كما أوضحه الإمام الغزالي في تفسير قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب أو صورة)، فقد جعلها على حالها، ورمز بها إلى الشهوة والغضب فافهم، فإذا فهمت هذا فقد قطعت جهيزة قول كل خطيب) (١).

حتى مع التسليم بصحة ما ذكره الشيخ، فإن ذلك في رأينا لا يسلمه من الإنحاء عليه باللائمة، ولا يعفيه من عتاب عنيف ونقد ومؤاخذة توجه إليه، من كل هؤلاء الذين يغارون على الإسلام وأمته كغيرته هو.

إن مزج التفسير بهذه المسائل في اعتقادي، هو الذي أفقده عنصرًا هامًا من عناصر الشهرة والإقبال عليه والإفادة منه، ويا ليت الشيخ رحمه الله اكتفى بما ذكره في تفسيره من الفوائد العلمية، وهو كثير، ولم يتورط بإقحام هذه المسائل، التي لم تثبت صحتها، ويقيني أنها لن تثبت كذلك، يقول الدكتور محمد محمد حسين عن هذا التفسير: (وكم كانت الكارثة شديدة الوقع، حينما نرى الشيخ طنطاوي قد خدع بجمعية أبي الخير الروحية، كما أفسح المجال في تفسيره للنقل عن مزاعمهم ودعاواهم، مما أدخل الفساد والضعف على كتابه ذلك، في كثير من المواضع) (٢).


(١) الجواهر جـ ١٢ ص ٢٣٥.
(٢) حصوننا مهددة من داخلها ص ٣٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>