للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحراس وليس في الآية دلالة على أن كل ما يحدث من الشهب إنما هو للرجم، بل إنهم إذا حاولوا استراق السمع رجموا بالشهب، وإلا فالشهب الآن وفيما مضى، قد تكون ظواهر طبيعية ولأسباب كونية).

[ز- عقيدته في رفع عيسى عليه السلام ونزوله]

إن ما كتبه الأستاذ الفاضل في ما يتعلق بخوارق العادات، كمعجزات الأنبياء عليهم السلام ومنها معجزة سيدنا عيسى عليه السلام، دون تكلف وتمحل بإخراج اللفظ عن ظاهره، ليعطي خير صورة عن التزامه بما جاءت به النصوص، وهو بالتالي يصور لنا عدم تأثر الشيخ بتلك الآراء البعيدة، كتلك التي مرت معنا في أثناء الحديث عن المدرسة العقلية، ولقد رأينا ذلك واضحًا في ما مر من أمثلة، ولنستمع للشيخ يحدثنا عن تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: ٤٤] (١). {يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ} يرمون سهامهم في الماء الجاري للاقتراع على من يكفل مريم، فمن وقف قلمه عن الجري مع الماء فهو أحق بها، فجرت كلها مع الماء إلا قلم زكريا فإنه ثبت، فكفلها الله له).

هذه صورة عن عدم تضييق الشيخ لنطاق الخوارق، على العكس مما رأيناه عند آخرين، أما عند قوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: ٥٥] فقد أبدع وأجاد، ويشعر القارئ بأن كلامه يحمل حججه معه، يقول الشيخ (٢):

{إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} أي آخذك وافيًا بروحك وجسمك، ورافعك إلى محل كرامتي، فالعطف للتفسير. يقال: وفيت فلانًا حقه، أي أعطيته إياه وافيًا فاستوفاه وتوفاه. أي أخذه وافيًا. أو قابضك ومستوفي شخصك من الأرض- من توفى المال بمعنى استوفاه وقبضه ... والجمهور على أنه رفع حيًّا من غير موت ولا غفوة، بجسده وروحه إلى السماء؛ والخصوصية له عليه السلام هي في رفعه


(١) ١/ ١٠٧.
(٢) ١/ ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>