للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجسده وبقائه فيها إلى الأمد المقدر له، وأما التوفي المذكور في هذه الآية، وفي قوله تعالى: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} [المائدة: ١١٧] فالمراد منه ما ذكرنا على الرواية الصحيحة عن ابن عباس والصحيح من الأقوال، كما قال القرطبي، وهو اختيار الطبري وغيره، وكما كان عليه السلام في مبدء خلقه آية للناس ومعجزة ظاهرة، كان في نهاية أمره آية ومعجزة باهرة، والمعجزات بأسرها فوق قدرة البشر ومدارك العقول، وهي من متعلقات القدرة الإلهية ومن الأدلة على صدق الرسل عليهم السلام) (١).

أما عند تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: ١٥٩] فيقول (٢): (ما أحد من أهل الكتاب الموجودين عند نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان، إلا ليؤمنن بأنه عبد الله ورسوله وكلمته، قبل أن يموت عيسى، وتكون الأديان كلها دينًا واحدًا وهو دين الإسلام الحنيف، دين إبراهيم عليه السلام، ونزول عيسى عليه السلام ثابت في الصحيحين، وهو من أشراط الساعة).

هذا تفسير الشيخ لبعض آيات العقيدة، وقد اتضح لنا من خلال تلك الأمثلة، الفروق الهائلة بين الشيخ وبين كثير من المفسرين، فلم نر ذلك التأويل المتكلف لآيات الشهب، كما رأيناه عند المراغي، أو لانشقاق القمر والدابة كما رأيناه، في تفسير المراغي وتيسير التفسير (٣)، ولا تأويلًا لأحاديث نزول عيسى أوردها كما رأينا عند الشيخ محمد عبده والشيخ شلتوت، والحق أن منهج الشيخ في تفسير آيات العقيدة، مع كونه منسجمًا مع النصوص، هو منسجم كذلك مع المنطق السوي الذي لا يجد القارئ صعوبة في استيعابه، وهو بعد ذلك كله، بعيد عن المنزلقات، التي ربما تؤدي إلى نتائج ذات خطر على الدين كله.


(١) ص ١١٠
(٢) ص ١٧٨.
(٣) مفسرنا يعتقد أن الدابة من علامات الساعة الكبرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>