وهذا الأسلوب البديع وذلك التقسيم المنطقي يخلفان أثرًا في نفس القارئ يتفاعل مع الآيات الكريمة.
ومع هذا فإننا نرى الأستاذ في بعض الأحيان يحلق بنا في أجواء علم الكلام والمسائل الفلسفية، ولكن بمقدار ما لذلك من صلة في الموضوع الذي يتحدث عنه، فلكل مقام مقال، ولكل سياق من الموضوعات عبارات وألفاظ، فقد لا يحسن الأسلوب السهل اليسير في مكان كما يحسن في آخر، وقد يجذب الأسلوب الجزل الرصين القراء في مكان، ويدفعهم عن القراءة في مكان آخر، فنراه مثلًا عند تفسير سورة الإخلاص يقول:(الأحد هو الواحد الذي لا كثرة في ذاته، فهو ليس بمركب من جواهر مختلفة؛ فليس بمادي، ولا هو من أصول متعددة غير مادية، كما يزعم بعض أرباب الأديان من أنه أصلان فاعلان، أو أنه ثلاثة أصول تعتبر واحدًا، وهي متعددة، سواء عقل ذلك أم لم يعقل، فإن الله بريء منه؛ لأن العقلاء أجمعت على موجد العالم وهو الله واجب الوجود. ووجوب الوجود يستلزم ببداهة العقل وحدة الذات، لأن التعدد في الذات مستلزم لافتقار المجموع إلى الأجزاء، فلا يكون المجموع المسمى بالله، أو موجد العالم واجب الوجود. وكذلك الأفراد نفسها لا يكون كل واحد واجب الوجود، لأنه يختلف عن الآخر بميزة، وذلك المميز غير ما يشتركان فيه من الوجود، فيكون كل منهما مركبًا، والمركب غير واجب كما ذكرنا. فلم يبق إلا أن يكون واجب الوجود واحدًا فالله أحد)(١) ... وهذا الكلام ربما يبدو غريبًا بعيدًا عن أفهام كثير من الناس الآن. لكننا إذا تصورنا العصر الذي كتب فيه نجد أنه لا بعد فيه ولا غرابة، وهذا القول لا نراه من الأستاذ إلا حينما تدعو إليه الحاجة.
[٣ - عدم تجاوزه النص في مبهمات القرآن]
أما منهج الأستاذ في مبهمات القرآن الكريم، فإنه يقوم أول ما يقوم على دقة في