ويأتي الإمام السيوطي بعد هذين العلمين، في كتابه (الإتقان في علوم القرآن) بالعجيب مما قاله ونقله عن الفريق الأول، الذين توغلوا في التفسير العلمي إلى حد بعيد.
[رأي المانعين]
وعلى العكس من هذا الرأي، نرى إمامًا من أئمة الفكر الإسلامي هو أبو إسحاق الشاطبي يعارض هذا الرأي معارضة شديدة، في كتابه (الموافقات) حيث يقول: (ما تقرر من أمية الشريعة، وأنها جارية على مذاهب أهلها -وهم العرب- ينبني عليه قواعد: منها أن كثيرًا من الناس تجاوزا في الدعوى على القرآن الحد، فأضافوا إليه كل علم يذكر للمتقدمين أو المتأخرين، من علوم الطبيعيات والمنطق وعلم الحروف، وجميع ما نظر فيه الناظرون من هذه الفنون وأشباهها. وهذا إذا عرضناه على ما تقدم لم يصح. وإلى هذا فإن السلف الصالح -من الصحابة والتابعين ومن يليهم- كانوا أعرف بالقرآن، وبعلومه وما أودع فيه، ولم يبلغنا أنه تكلم أحد منهم في شيء من هذا المدعى)(١).
وإذا تركنا القدامى إلى المحدثين، فإننا نجد أتباعًا لكل من الفريقين. فممّن تأثر برأي الشاطبي المرحوم الشيخ أمين الخولي ووقف مع هذا الرأي وارتضاه الأستاذ الشيخ محمد حسين الذهبي.
ونذكر ممن ارتضى الرأي الأول في التفسير العلمي المرحوم الأستاذ مصطفى صادق الرافعي في كتابه (إعجاز القرآن) والأستاذ عبد الوهاب حمودة رحمه الله، إذ يقول: (والرأي الذي نميل إليه، هو أننا في حاجة شديدة إلى أضواء العلم، تكشف لنا عن حكم وأسرار جاءت بها الآيات الكريمة، ولا ضرر من عدم قصر فهمه على ما كان عند العرب في علمها، ومألوف معارفها، لأن القرآن أنزل للناس