مقبول، فكما أنه لا تكرار في ألفاظ القرآن وآياته، فمعانيه لا تكرار فيها كذلك فكل آية، بل كل حرف جاء في آية في سياق خاص ومعانٍ متجددة.
ثم إن تفسير القرآن وتنظير آياته بعضها ببعض لم يكن متفقًا على كل الآيات في مواضعها التي جعلوه فيها، من أجل ذلك فإني بعد لا أدري ما السبب الذي حمل الأجلة على عدّه من قبيل المأثور مع أنه مبني على التدبر والتفحص الشديد في آيات القرآن الكريم، بل لا يقدر عليه إلا الفحول المفكرون، ولهذا فإنني أرى أن يعدّ هذا القسم قائمًا برأسه دون إلحاقه بالمأثور.
ولا يفوت أن نذكر أن ابن عاشور جعل تفسير القرآن بالقرآن من التفسير نفسه لا من مدده فقال: ولا يعد أيضًا من استمداد التفسير ما في بعض آي القرآن من معنى يفسر بعضا آخر منها، لأن ذلك من قبيل حمل بعض الكلام على بعض كتخصيص العموم، وتقييد المطلق، وبيان المجمل ... وغير ذلك (١).
هذه بعض الإشكالات على تقسيمهم التفسير إلى تفسير بالمأثور وتفسير بالرأي، وقد يقال إذا كان هذا التقسيم كذلك، فما البديل الذي يمكن أن يحل محل هذا التقسيم؟
[التقسيم البديل المختار]
نرى أن من الخير والدقة العلمية أن نقسم التفسير إلى تفسير بالنقل وتفسير بالرأي وإن شئت قلت إلى منقول ومعقول، أما التفسير المنقول، فيشمل ما يلي:
١ - ما صح عن سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا لا معدل عنه، وهو قليل نسبيًا.
٢ - ما كان ناتجا عن اختلاف القراءات القرآنية الصحيحة، وأؤكد هذة القضية هنا؛ لأن بعض الكاتبين لم يفرق بين القراءة الصحيحة وغيرها.
(١) التحرير (١/ ٢٧)، والرسالة (١/ ١٦٧) ومراده باستحداد العلم: توفقه على معلومات سابق وجودها على وجود ذلك العلم عند تدوينه لتكون عونًا لهم على إتقان تدوين ذلك العلم.