الأولونَ رضي الله عنهم هذا المعنى فسمعنا حسانًا رضي الله عنه يقول:
فإن أبي ووالده وعرْضي ... لعرْض محمد منكم وقاءُ
وسمعنا أبا بكر رضي الله عنه يبكي حين سمع قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن من أَمنِّ الناس على في نفسه وماله أبا بكر بن أبي قحافة" يقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله وهل أنفسنا وأموالنا إلا ملك يمينك.
فهل يفهم المسلمون الآن هذا ... فيعلموا أن دينهم أولى بهم من أنفسهم وأموالهم، فيعملوا على مناصرته وإنقاذه ... أم هم في غمرة ساهون ... ؟ اللَّهم فقهنا في دينك ... وعلمنا من أسرار كتابك (١).
ثانيًا: نماذجُ من تفسيره العلمي المُسهَب:
ذكرتُ آنفًا أن هذا القسم من تفسير الشيخ البنا رحمه الله يتمثل فيما كتبه على صفحات مجلة المنار، حين فسَّر فواتح سورة الرعد، ونهج نهجَ الشيخ رشيد رضا، وسار على منواله، فبدأ الاختلاف واضحًا بين هذه الطريقة والطريقة التي قبلها. فإذا كانت النماذج السابقة تُجمل تفسير الآية، وتستطرد في دلالات فكرية وتربوية مستوحاة من معناها ومغزاها، فإن هذه النماذج يظهر فيها اللون العلمي لتفسير الشيخ البنا، وتبرز فيها شخصيتُه التفسيرية، كما برزت في النماذج السابقة شخصيتُه الدعوية التربوية.
وأختارُ هنا تفسير الشيخ رحمه الله للآية الأولى من سورة الرعد مع المقدمة التي أوردما بين يدي السورة، وتفسيره للآية السادسة من السورة نفسها.
١ - قال الشيخ رحمه الله في بداية تفسيره لسورة الرعد:
يرى بعض العلماء أن من حرمة القرآن وتوقيره ألّا يقال سورة النحل وسورة
(١) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية - السنة الرابعة- العدد ٨ في ٩ ربيع أول ١٣٥٣ هـ/ ٢١ يونيه ١٩٣٤ م.