الرعد وسورة البقرة ... إلخ، ولكن يقال السورة التي يذكر فيها النحل والسورة التي يذكر فيها الرعد وهكذا. ولقد جرى على ذلك شيخ المفسرين الطبري فعنون لهذه السورة في تفسيره بقوله:"أول السورة التي يذكر فيها الرعد" وقد رد القرطبي على من قال بهذا الرأي فقال: هذا يعارضه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما في كل ليلة كفتاه". (أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مسعود) ولعل هذا هو الأقرب إلى سماحة الإِسلام وابتعاده عن التعقيد الشكلي وفي اللغة والمجاز مَنْدُوَحة.
* مكان النزول:
قال ابن الجوزي: اختلفوا في نزولها على قولين:
أحدهما: أنها مكية رواه أبو طلحة عن ابن عباس وبه قال الحسن وسعيد بن جبير وعطاء وقتادة، وروى أبو صالح عن ابن عباس أنها مكية إلا آيتين إحداهما قوله تعالى:{وَلَا يَزَال الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ}[الرعد: ٣١] , والأخرى قوله تعالى:{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا}[الرعد: ٤٣].
والقول الثاني: أنها مدنية رواه عطاء الخراساني عن ابن عباس وبه قال جابر بن زيد، وروى عن ابن عباس أنها مدنية إلا آيتين نزلتا بمكة وهما قوله:{وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَال}[الرعد: ٣١] , وقال آخرون المدني منها قوله:{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ ... } إلى قوله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ}[الرعد: ١٢ - ١٤] وقال آخرون: نزلت آية منها بالجُحْفَة وهي قوله تعالى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي}[الرعد: ٣٠] , وتكاد الطبعات في المصاحف تُجْمع على أنها مدنية نزلت بعد سورة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
ويلاحظ اضطراب الروايات عن ابن عباس -رضي الله عنهما - في تحديد المكي والمدني منها, ولعل ذلك من اشتباه الأمر على الرواة.