والذي يتفق مع القواعد العامة في تعريف المكي والمدني أن معظم هذه السورة الكريمة مكي.
فقد جعل العلماء من علامات المكي غالبًا أنه يعرض للعقائد وأدلتها من النظر في الكون واستجلاء عجائب طبع الله فيه مع الزجر والوعيد وبيانا جزاء المخالفين والمؤمنين؛ لأن ذلك هو الموافق لحال المخاطبين من الكفار والمشركين.
أما المدني فغالبه تقص فيه الأحكام التفصيلية من عبادات ومعاملات وغيرها. وأيضًا فمن علامات المكي أن يغلب فيه الخطاب والتعبير بـ {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} ونحوها من ألفاظ العموم، على حين أن الخطاب والتعبير يغلب في المدني أن يكون بـ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ونحوها. والناظر في مقاصد السورة الكريمة يراها بحال المكيين وموقفه أَخْلَقُ فنحن نرجح القول بمكية معظمها ... والله أعلم.
وعدد آياتها ثلاث وأربعون عند الكوفيين. وخمس وأربعون عند الشاميين، والسبب في ذلك اختلافهم في أن الآية الأولى هي:{المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ} أو إن {المر} وحدها آية و {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ} آية ثانية وما بقى بعدها ذلك آية ثالثة، فعلى الأول هي ثلاثة وأربعون، وعلى الثاني هي خمسة وأربعون، مع الاتفاق على جواز الوقف بل على استحسانه في كل موضع من هذه المواضع.
* المقاصد العامة في السورة:
عرضت السورة الكريمة لتقرير عظمة الخالق وإثبات المعاد والرد على منكريه مع التقديم لذلك بعرض الأدلة من ظواهر هذا الكون العجيب، والتقفية بضرب الأمثلة الرائعة لكل من الحق والباطل.
ثم عرضت بعد ذلك لقسمي المؤمنين والمخالفين وأوصاف كل منهما والأخلاق التي تنبتها في نفسه العقيدة وتنميها، وجزاء كل من الفريقين في الدنيا