للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخرة ثم تثبيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - وارتقاب يوم الفصل الذي يعلم فيه الجاحدون لمن عقبى الدار.

وتستطيع أن تجمل هذه المقاصد السامية في أنها إثبات التوحيد والمعاد، وبيان ما ينتج من الإيمان بهما من أخلاق فاضلة وجزاء حسن كريم، والمقابلة بين ذلك وضده كما هي عادة القرآن.

* المناسبة بين هذه السورة الكريمة وما قبلها:

وتستطيع من ذلك أن تلمس المناسبة بين هذه السورة وبين السورة التي قبلها، ففي السورة التي قبلها أجمل يوسف عليه السلام عقيدة التوحيد في قوله: {يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩)} [يوسف: ٣٩] وفي هذه السورة أفاض في بيان هذه العقيدة وتدعيمها بالأمثلة الواضحة والبراهين والأدلة.

وفي السورة التي قبلها تناول بالتحليل نفوس إخوة يوسف وما استولى عليها من أخلاق إذ ذاك دفعتهم إلى ما فعلوا بأخيهم ثم ما كان بعد ذلك من توبتهم ومسامحته إياهم واستغفار أبيهم لهم، وفي هذه بسط لأخلاق المؤمنين كالتأكيد لما ذكر هنالك والتبين له.

وفي سورة يوسف أجمل الإشارة إلى ما في الكون من روائع الآيات وإن أعرض الناس عنها ولم يكلفوا أنفسهم عناء النظر فيها فذلك قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (١٠٥)} [يوسف: ١٠٥]. وفي هذه السورة الكريمة تناول هذا الإجمال بالتفصيل المبين، فذكر من آيات الله في السماء والأرض والشمس والقمر والليل والنهار والماء والنبات والرعد والبرق ... إلخ ما يلفت الأبصار الزائغة، ويسترعى الأفئدة الغافلة المعرضة.

ولما كانت سورة يوسف قد تناولت بالبيان والتفصيل ما كان من جدود اليهود والنصارى وهم أبناء يعقوب بالنسبة لأخيهم، ثم ختمت بأن في قصص هؤلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>