بعض هؤلاء المعترضين، فيجيب عنه مسوغًا، صحة مسلكه وسلامة منهجه، فيقول:(لو ذهب فلاح ومهندس وصبي وحمار، إلى حقل من الحقول، فما دائرة اهتمام كل طرف من هؤلاء؟ أما الحقل فهو فعل الله، تختلف أنظار الناس فيه، وأما مثل الحمار فهم الحفاظ، الذين لا يحفظون من القرآن إلا حروفه (١)، والصبي هم العامة يفرحون لأنغام القرآن، كما يفرح الصبي لمنظر الحقل والفلاح المهتمّ بالأرض، كالعابد يناجي ربه بهذا القرآن، أما المهندس فهو المفسر، يهتم بكل صغيرة وكبيرة، ويحمل سائر الأمة على معرفة العلوم (وسواء أكان هذا المثل الذي ضربه الشيخ ... مدللًا معللًا، يقيه اعتراضات المعترضين، أم لا، فإنه قد كان ما كان، وجاء تفسير الشيخ على هذا المنوال.
وإذن فالذي يتحتم علينا أن نسير مع الشيخ في تفسيره، لنعرف منهجه ولنطلع على آرائه في بعض الأمور، حتى يتسنى لنا أن نصدر حكمنا بلا شطط، غير باخسين ولا غالين، والله حسبنا ونعم الوكيل.
[٢ - منهجه في التفسير]
يورد الشيخ مقدمة للسورة التي يريد تفسيرها، وربما يورد ملخصًا لها، ثم يقسم هذه السورة إلى أبواب عامة، ويقسم هذه الأبواب، إلى مقاصد وفصول، حسب ما يتراءى له، وهذه طريقة يتبعها كثير من المفسرين المحدثين، كما رأينا من الأقدمين من سلكلها، في كثير من السور من قبل، إلا أن هذا التقسيم يختلف باختلاف نظر المفسر واجتهاده، مفسِّرنا مثلًا، وهو الذي يهمنا الآن، حينما يتكلم عن سورة البقرة، يقسمها إلى بابين، الأول إلى قوله تعالى:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ}[البقرة: ١٧٧] والثاني إلى آخر السورة، وهو تقسيم من المؤلف إنما نشأ عن فهم حسن جميل، فنحن نرى أن معظم التكاليف من عبادات وأنظمة