للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من آمال مشرقة ومن مستقبل زاهر سيحدثه هذا التفسير لهذه الأمة.

ويذكرني صنيع الشيخ في تفسيره بذلك الإمام الجليل فخر الدين الرازي، الذي ما كان يترك مسألة من علم الفك، أو من الفلسفة الطبيعية والإلهية، أو من الملل والنحل المختلفة، إلا وضمنها تفسيره العلمي الكبير، كل ذلك مع سهولة في العبارة، ويسر في الأسلوب، ودفاع بحرارة عن عقيدته، وإلزام لخصومه بالحجة الواضحة، فما أشبه حكيم الإسلام في هذا العمر بحكيم الإسلام (الفخر الرازي) في الزمن الماضي، وما أشبه الجواهر بالمفاتح، مع اختلاف حتمته ظروف البيئتين، وأوجبه كر الغداة ومر العشى، وإذا كان الفخر الرازي، ينكر كل الإنكار، ويعجب كل العجب، ممن يستغرب اشتمال سورة الفاتحة على آلاف المسائل بل عشرات الآلاف، فيطلق لفكره وقلمه العنان، بما يفيضه خاطره ويرصفه فكره، من مسائل مختلفة متنوعة في سورة الفاتحة، فيخرج للمكتبة الإسلامية جزءًا ضخمًا يقع في قرابة ثلاثمائة صفحة من القطع الكبير فإن الشيخ طنطاوي يحاول في تفسيره للفاتحة، أن يبين أن هذه السورة الكريمة، تشتمل على جميع العوالم التي خلقها الله، وأنه ينبغي على المسلم، كما يعرف أحكام الفقه، أن يعرف أسرار هذه العوالم ومميزاتها، ولنستمع إليه:

(وتأمل في سورة الفاتحة، كيف قدم تربيته للعالمين ورحمته للمخلوقين على العبادة وهداية الصراط المستقيم، كأنه يشوقكم إلى دراسة رحماته، ويأمركم بمعرفة كلماته الكونية وعجائبه وبدائعه. ثم إن الحمد يكون على مقدار علم الحامد ولن يعرف المسلمون محامد الله، حتى يقرأوا نظام الطبيعة ويفهموا دقائق التكوين، حينئذ يحمدون الله حق حمده. فسورة الفاتحة إذن عنده كلها آيات علوم، ولنا أن نجعل القسم الثاني منها أخلاقًا.

وإذا كان تفسير الفخر لم يعجب الكثيرين من الناس لما فيه من تشعب واستطراد فإن الشيخ طنطاوي أدرك هذه القضية فها هو يفترض سؤالًا من أحد القراء، ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>