للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكنا نود أن يلتزم بمبدئه، الذي رسمه في خطته المثلى, وهي الوقوف عند حدود ما وقف عنده القرآن، ولكن هذا يهون حقًّا، أمام اتهام الأنبياء عليهم السلام، وعدم رد ما ينافي عصمتهم، عفا الله عنه، وأرجو أن يكون له من حُسْن نيته ما يوجب مغفرة الله له.

[ب- مشاهد الكون ونواميسه]

من خطة التفسير عند الأستاذ الوقوف عند مشاهد الكون ونواميسه كما بينها القرآن، لذلك نجده ينحى باللائمة على المفسرين الذين خرجوا عن هذه الخطة، وتعدوا هذه الحدود، حتى على هؤلاء المحدثين الذين يريدون أن يبينوا عظمة القرآن وإعجازه في الحديث عن تلك النواميس. وإذن، فينبغي ألا يكون في "التفسير الحديث" شيء من هذا أو ذاك. لكن القارئ يفاجأ حينما يجد أنه لم يفعل كما فعل المحدثون، بل كانت تعليقاته منقولة عن تلك الكتب القديمة فيما يتعلق بمشاهد الكون ونواميسه.

فها هو في سورة (ق) عند قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [ق: ٣٨] يأتي بحديث عن أبي ريرة، وهو أن الله خلق التربة يوم السبت، وخلق الجبال فيها يوم الأحد إلى آخر الأيام (١). ثم يأتي ببعض الإصحاحات التي تذكر أن الله استراح يوم السبت ليثبت موافقته للحديث. والغريب أنه يذكر أن الإمام المفسر ابن كثير شك في الحديث (٢)، لكنه كما تفهم عبارته نصًّا وروحًا، يريد أن يثبت الحديث بأنه روي في أكثر من كتاب، ولكن لِمَ؟ لا لشيء إلا ليوافق ما جاء في الإصحاحات، ثم يقول: "ولقد ورد في بعض الإصحاحات أن روح الله ترف فوق الماء، وهذا مطابق لآية سورة هود


(١) انظر: مسند الإمام أحمد، ١٤/ ٨٢، الحديث ٨٣٤١، وفيه تمام تخريجه وتنقيده. قال الشيخ شعيب الأرنؤوط: الأصح أن هذا الحديث موقوف على كعب الأحبار، وليس من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٢) انظر: تفسير ابن كثير، تفسير الآية ٥٤، من سورة الأعراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>