للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحق أنه لمن المحير والمستهجن، أن يذكر مثل هذه القصص والأخبار، وكنت أود أن يطلع على بعض التفاسير، التي يقول إنها لم تخل من الثغرات.

ولم يغرب في هذه القصة فحسب، بل نرى ذلك منه كذلك في قصص كثير من الأنبياء عليهم السلام، فها هو ينقل في قصة سليمان في سورة (ص)، ما جاء في بعض الأسفار، من أن سليمان تزوج نساء كثيرات كابنة فرعون ومن نساء صيدونيات وعمونيات وأدوميات وحثيات فأَمَلْنَ قلبه إلى آلهتهن، وبنى لهذه الآلهة مذابح وقرّب لها قرابين، وعمل الشر في عين الرب، فكان ذلك سببًا لنقمة الله عليه (١).

ويكثر مفسرنا من النقل عن هذه الكتب، دون أن يشير بكلمة واحدة، إلى ما ينبغي أن يكون للأنبياء عليهم السلام من العصمة، ولكن همه كله أن يثبت أن العرب كانوا يعرفون هذه القصص قبل نزولها، مستدلًا على ذلك بأن ما ورد في بعض كتب المفسرين جاء مطابقًا لهذه الأسفار.

ولعمر الحق لا أدري ما وجه الاستدلال؟ ذلك لأن الذي ذكر في هذه الكتب من الإسرائيليات دون ريب، ولم يكن منتشرًا في زمن الصحابة أنفسهم، فضلًا على أن يكون معروفًا قبل نزول القرآن عند هؤلاء العرب (٢).

وإذا تركنا الحديث عن قصص الأنبياء، وجدنا المفسر يحدثنا عن بعض مبهمات القصص التي أبهمها القرآن، مع أنه يعيب على المفسرين التزيد والتمحل، فها هو مثلًا في قصة أهل الكهف، يذكر لنا قصتهم وأسماءهم وبلدهم، مع أن ذلك لم يرد منه شيء في القرآن.


(١) التفسير الحديث، ج ٢، ص ٨٥.
(٢) سبق الكلام عند الحديث عن "القرآن المجيد".

<<  <  ج: ص:  >  >>