للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والروايات، وبخاصة تلك التي لا تعتمد على دليل، أوالتي تتعارض مع المنطق والواقع والسياق كما يقول. وكنت أظن أن مفسرنا سوف لا يسمح لنفسه بذكر شيء مما يعيب به غيره، ومما يعده من الثغرات التي ينبغي تجنبها. ويا ليته ذكر من القصص والروايات الكثير الكثير، دون تعرض وتعارض مع أصل من أصول العقيدة، ودون أن يمس عصمة الأنبياء عليهم السلام، إلا أن التمني شيء والواقع شيء آخر.

فعند تفسير قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (٢١)} [ص: ٢١] يذكر المؤلف ما ورد في سفر صموئيل الثاني، من أن داود عليه السلام رأى زوجة أحد رجال جيشه عارية، على سطح بيتها المجاور لبيته فأعجبته فأحضرها واضطجع معها، وكان زوجها في جبهة حربية. فلما عاد وشعر بذلك امتنع عنها، فأرسله إلى الجبهة ثانية، فلما قُتل تزوج داود بامرأته ... ، إلى آخر ما ورد في هذه القصة. ولو أنه سكت عن هذه الرواية فحسب لهانَ الأمر -مع أنه ليس بهين لأن عصمة الأنبياء عليهم السلام أمر لا يجهله أحد من عوام المسلمين- ولكن المستغرب والمستنكر أنه جاء يقرر بعد هذه القصة، أن ما ذكر في هذا السفر، يتسق مع ما جاء في الآيات (١).

وأحب أن أورد عبارته لتكون خير شاهد على ما أقول "والأيات وإن كانت خلت من هذه التفاصيل، فإن فيها إشارات خاطفة متسقة معها، حيث ذكرت أن داود قد أدرك أن الله امتحنه بسبب خطيئة له، فاستغفر ربه وخرّ راكعًا وأناب، فغفر الله له. حيث جرى القرآن بصورة عامة، على ذكر الأنبياء السابقين بأسلوب تكريمي وتنويهي أو عتابي، ولم يحتوِ ما احتوته بعض الأسفار عن بعض الأنبياء من تهم وقصص فاحشة" (٢).


(١) التفسير الحديث، ج ٢، ص ٨٥.
(٢) التفسير الحديث، ٢/ ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>