للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الميزة الثانية: فهي موقفه من الإسرائيليات فكتابه ليس خاليًا من الإسرائيليات فحسب -فهناك كثير من المفسرين يحاولون أن تكون كتبهم كذلك، وسواء تم لهم هذا أم لم يتم وسيد ليس بدعًا منهم فذلك ليس موضوع بحثنا الآن- بل إن له موقفًا يكاد يكون خاصًّا به، هذا الموقف يتجلى واضحًا ويظهر جليًّا في أنه لا يجيز الاستشهاد على تفسير النص القرآني بشيء من العهد القديم والجديد، ولو كان ذلك من أجل الاستئناس، يقول عن الطوفان في تفسير سورة هود (وأساطير بني إسرائيل المدونة فيما يسمونه العهد القديم) تحوي كذلك ذكر طوفان نوح ... ولكن هذا كله شيء لا ينبغي أن يذكر في معرض الحديث القرآني عن الطوفان، ولا ينبغي أن يخلط الخبر الصادق بمثل هذه الروايات الغامضة وهذه الأساطير المجهولة المصدر والأسانيد .. وينبغي أن نذكر أن ما يسمى (بالكتاب المقدس) سواء في ذلك العهد القديم (المحتوي على كتب اليهود والجهد الجديد المحتوي على أناجيل النصارى ليس هذا هو الذي نزل من عند الله ... ومن ثم لا يجوز أن يطلب عند تلك الكتب جميعها يقين في أمر من الأمور) (١).

الميزة الثالثة: خلو التفسير خلوًا تامًّا من المماحكات اللفظية والتشاد كلاميًا كان أو غير ذلك، فلم نجد فيه ما نجده في غيره، كذلك التراشق العنيف بين المتصوفة والمتسلفة، ولم نجد فيه تلك الحملات العنيفة مثل تلك التي يحمل لواءها صاحب المنار، إن تفسير الظلال خال من تلك المعارك الجانبية بل يلمح القارئ فيه روحانية المتصوف وتمسك السلفي، ويظهر هذا واضحًا وهو يتحدث عن مدى تأثير القرآن في النفس الإنسانية وربط المشاعر والوجدانات بتقريرات القرآن كما يظهر هذا في تحريه للآثار الصحيحة وتقريره وجوب وقوف المسلم عند حدود السنّة المطهرة الشريفة.

الميزة الرابعة: هذه الدعوة الصريحة لتحكيم القرآن في مناحي الحياة على


(١) (٤/ ١٨٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>