القصص القرآني إيحاؤه ونفحاته، وقصص القرآن الكريم: صدق حدث، وسمو هدف، تهذيب نفس وإرهاف حس.
وأحب هنا أن آتي بمثال لتوضيح ما قلته، من أن هذه الطريقة لم تؤدِّ النتيجة التي قصدها المؤلف:
[١ - آيات التحدي]
حينما صدع الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالحق، آذاه المشركون واتهموه، فتحداهم بالقرآن، والذي يهمني من هذا آيتان من آيات التحدي. إحداهما في سورة يونس وهي قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٨)} [يونس: ٣٨] والثانية في سورة هود وهي قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٣)} [هود: ١٣]. وسورة يونس في تفسير الأستاذ دروزة قبل سورة هود، فهل يتنبه لهذه المسألة ليبين لنا - وهو الذي يفسر حسب ترتيب النزول - كيف تحداهم القرآن بسورة واحدة أولًا، ثم عاد ليتحداهم بعشر سور منه؟ هل جاؤوا بهذه السورة فلما رآهم جاؤوا بها، قال أريد عشر سور؟ يقينًا أن ذلك لم يكن، ولم يستطيعوا إلى ذلك سبيلًا، لكن كيف تحداهم بعشر إذن؟ وهل يجوز أن يطلب من أحد من الناس قصيدة من ثلاثين بيتًا من الشعر، فإذا عجز عن ذلك قيل له: ائتنا بستين بيتًا إذن؟ أو أن يقال لأحد الناس: ارفع بيديك خمسين رطلًا، فإذا عجز نقول له: ارفع مئة رطل؟ إن الذي يفسر حسب ترتيب النزول - لأنه في رأيه التفسير الذي يفهم به القرآن فهما صحيحًا - لا بد أن يبين مثل هذه الأمور، فهل بين هذا الأستاذ عزت دروزة في تفسيره؟
يقول في تعليقه على آية يونس عند الحديث عن كلمة "سورة": "ومهما يكن من أصل اشتقاقها اللغوي وأصل معناها، فإن السياق الذي وردت فيه هذه الكلمة في القرآن، يدل دلالة لا ريب فيها، على أنَّها تعني مجموعة مستقل وكاملة من