للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تبرز ناحية بلاغية وترشد إلى سر من أسرار التعبير، وقد يحالفها التوفيق.

[نماذج من تفسيرها]

عند تفسيرها لقول الله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} حيث لم يعجبها ما قاله المفسرون في سبب تعدية الفعل (أوحى) باللام دون (إلى) مراعاة للفاصلة، أو تناوب حروف الجر، وإنما ارتأت رأيًا آخر خلاصته، إن الموحى إليه هنا ليست فيه الحياة كما هو في المواضع الأخرى، التي عدي الفعل فيها بـ (إلى) وبأن (اللام) لها من المعاني ما ليس لإلى وغيرها من حروف الجر).

تقول: (أما الموحى إليه فيتعدى الفعل إليه بحرف الجر (إلى) إذا كان من الأحياء، باستقراء الآيات السبع والستين التي جاء الوحي فيها بإلى .. وتعدى الفعل، بغير (إلى) مع الجماد، فتعدى مع السماء مرة بحرف (في) {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} [فصلت: ١٢] ومع الأرض مرة (باللام) في آية الزلزلة، وتلتمس تعيين دلالة الحرف بالسياقين) ثم تقول: (فالإيحاء هنا مباشرة، ليلائم استعداد التحدث إلى الأرض، وسر قوته في أنه كذلك، ومن هنا كان إيثار التعدية بـ (اللام)، لما في معنى (اللام) من اختصاص، وإلصاق وصيرورة، وتقوية الإيصال، وهي معان عرفها اللغويون أنفسهم، وعدوها فيما عدوا من معانيها التي أحصاها ابن هشام في المغني وإن لم يلتفتوا إليها هنا في البيان القرآني) (١).

ومن ذلك، سر التعبير، بكلمة (المقابر) دون القبور، في قول الله تعالى {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} فضلًا عن الرنين الصوتي والاتساق اللفظي، فهناك تلاؤم معنوي بين التكاثر والمقابر، ومثل هذه اللفتات البيانية البديعة حري بنا أن نسجله للكاتبة لكن هناك ملحوظات لا بد من إيرادها هنا.


= بمعجمه المفهرس لألفاظ القرآن.
(١) التفسير البياني ص ٩٦ - ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>