للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجاء ثواب الآخرة، أو خوف عقابها، فيقول (١): (ومعنى هذا إن كانوا يفقهون، أن من يقصد بعمل الخير والبر، ما أرشد إليه الإسلام من تزكية نفسه وترقية روحه، بحيث تكون راضية مرضية عند رب العالمين -ذي الكمال المطلق الأعلى- وأهلًا لجواره في دار كرامته يكون ناقصًا، وإنما يكون كاملًا إذا خرج عن طبعه، وقصد النفع بعمله لغيره دون نفسه، ودون إرضاء ربه، ومن ذا الذي يجد حقيقة هذا الخير للبشر ويحملهم عليه)؟ .

[٨ - عنفه على مخالفيه في الرأي]

وحبذا لو أن الشيخ رشيدًا اكتفى بهذا الموقف الرائع المشرف، في دفاعه عن الإسلام، ودحضه كل شبهة يريد أعداؤه أن يلصقوها به، والشدة على الأعداء من أبرز الصفات التي ميز الله بها الصادقين {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}. [الفتح: ٢٩]. لقد كان يأخذ على الشيخ محمد عبده حدته في بعض الأحيان فيقول: (لطالما هدمت الحدة ما بنت الفطنة) (٢). وكنا نرجو أن يسير الشيخ على هذا المنهج، وأن يتجنب ما لام عليه غيره، إلا أنه مع كل أسف، تبرز في تفسيره تلك الظاهرة، ظاهرة العنف والحدة على مخالفيه في الرأي، دون أن يشفع لهم علمهم وحسن قصدهم وما عرفوا به من صلاح وتقوى، ولا نكاد نجد فئة سلمت من ملاحقته لها، وتشهيره بها وطعنه عليها، فهو يلاحق المفسرين ليخطئهم في كثير مما ذهبوا إليه، فتارة يصفهم بالتقليد، وتارة يسمهم بعدم فهم ما يقرأون، يبدو هذا واضحًا عند تفسير البسملة في أول الفاتحة، حيث خطأ صاحب (روح المعاني) رحمه الله (٣).

ولقد اشتدت ملاحقة الرجل للرازي مثلًا حتى إنه يشنع عليه تفسيره {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: ١٣٨]، من سورة الأعراف، فيقول: (إن هذا الذي


(١) تفسير المنار جـ ١١ ص ٢١٨.
(٢) تاريخ الأستاذ الإمام.
(٣) تفسير المنار.

<<  <  ج: ص:  >  >>