للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاله الرازي، من أظهر هفواته الكثيرة بطلانًا، وسببه امتلاء دماغه عفا الله عنه بنظريات الكلام، وجدل الإصلاحات الحادثة، وغفلته عن معنى الإله في أصل اللغة) (١). وكذلك عند تفسيره لقوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٣٢)} [الأنعام: ١٣٢] من سورة الأنعام، يقول: (إننا نرى أن نصرح بأن الفخر الرازي عفا الله عنه، قد صرح في تفسيرها بأنها تدل على الجبر، وإننا نذكر عبارته بنصها، ونبين بطلانها حتى لا يغتر بها من ينخدع بلقبه وكبر شهرته (٢). وعند تفسير قول الله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١]، من سورة الأنعام يشنع على الرازي بقوله: (فما أضعف دلائل هذا الإمام الشهير، ولا سيما في هذا التفسير الملقب بالكبير) (٣).

وقد يلاحق المفسرين جميعًا لتخطيئهم في تفسير آية، كما رأينا ذلك واضحًا عند تفسير قول الله تعالى {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود: ١١٣]، فلقد تتبع تفاسيرهم للركون والظلم، ابتداء من الطبري إلى الشوكاني ثم صديق خان وردها جميعًا.

وإذا كان هذا نصيب المفسرين من صاحب المنار، فإن نصيب الفقهاء وعلماء الكلام والمتصوفة كان أكثر وأكبر، وأشد حدة وأعظم شدة، وأبعد عن النصفة والاعتدال، فالفقهاء عنده ممعنون في التقليد، جامدون عليه، والمتكلمون هم المبتدعون الضارون بآرائهم، الخارجة عن منهج القرآن في الهداية، والمتصوفة هم المشوهون لجمال الإسلام، المميتون لحركته وحيويته، المستغرقون في الدجل والمتخذون أربابًا من دون الله، ذلك كله ليس بحاجة إلى نقل نماذج وكتابة أمثلة، حيث يجده القارئ مبثوثًا في ثنايا التفسير، حتى لو كان بعيدًا كل البعد عن موضوع الآية المفسرة، وقد يصل به الإسفاف عفا الله عنه لإلصاق الرذائل بالعلماء،


(١) المنار ٩/ ١١٠.
(٢) المنار ٨/ ١١٦.
(٣) المنار ٨/ ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>