للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلافها وطرح كل اللافتات والأقنعة التي تحول دون الانطلاق الإسلامي الكامل لمواجهة الجاهلية القابعة وراء تلك اللافتات والأقنعة، وهذه الميزة هي من أهم مميزات الظلال فلا نكاد نجد موضعًا من المواضع يجد الكاتب فيه فرصة إلا ويفرغ فيه ما يختلج في صدره وما يدور في خلده، مما يلمح فيه حرقة المؤمن ولوعته وهو يقارن بين واقع الأمة ومعطيات الإسلام.

[الميزة الخامسة: عدم مخالفته للمفسرين]

على أن سيدًا لا تستهويه مخالفة المفسرين فليس من عشاق الإغراب في الرأي ويظهر هذا جليًّا في استشهاده بأقوال المفسرين، وليس معنى هذا أنه لا تظهر شخصيته في كتابته أو أنه يقف موقفًا سلبيًا إزاء بعض المسائل، بل نراه يدلي بدلوه ناقدًا مرجحًا مختارًا، أو مناقشًا داحضًا حينًا آخر، ولقد كان ذلك واضحًا في مناقشته لآراء السيد محمد عزة دروزة في الجهاد، وفي تعليقاته على المدرسة العقلية كما يسميها، كما نرى هذا في مواضع أخرى. يقول في تفسير قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: ١٢٢].

(ولقد وردت روايات متعددة في تفسير هذه الآية وتحديد الفرقة التي تتفقه في الدين وتنذر قومها إذا رجعت إليهم ... والذي يستقيم عندنا في تفسير الآية أن المؤمنين لا ينفرون كافة -ولكن تنفر من كل فرقة منهم طائفة- على التناوب بين من ينفرون ومن يبقون -لتتفقه هذه الطائفة في الدين بالنفير والخروج والجهاد والحركة بهذه العقيدة وتنذر الباقين من قومها إذا رجعت إليهم بما رأته وما فقهته من هذا الدين في أثناء الجهاد والحركة ... والوجه في هذا الذي ذهبنا إليه -وله أصل من تأويل ابن عباس رضي الله عنهما- ومن تفسير الحسن البصري واختيار ابن جرير وقول لابن كثير -إن هذا الدين منهج حركي لا يفقهه إلا من يتحرك به فالذين يخرجون للجهاد به هم أولى الناس بفقهه بما يكتشف لهم من أسراره ومعانيه وبما

<<  <  ج: ص:  >  >>