للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتجلى لهم من آياته وتطبيقاته العملية في أثناء الحركة به، أما الذين يقعدون فهم الذين يحتاجون أن يتلقوا ممن تحركوا لأنهم لم يشاهدوا ما شاهد الذين خرجوا ولا فقهوا فقههم ... وفي هذا يكون الجهد الجهاد المثمر اللائق، وغير هذا لا يكون إلا هزلًا ترفضه طبيعة هذا الدين، وإلا هروبًا من واجب الجهاد الحقيقي تحت التستر بستار (تجديد الفقه الإسلامي (أو تطويره) هروب خير منه الاعتراف بالضعف والتقصير وطلب المغفرة من الله على التخلف والقعود مع المتخلفين القاعدين) (١).

كما يقول عند تفسير قول الله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٣)} [هود: ١٣].

قال المفسرون القدامى (إن التحدي كان على الترتيب بالقرآن كله ثم بعشر سورٍ ثم بسورة واحدة ولكن هذا الترتيب ليس عليه دليل، بل الظاهر أن سورة يونس سابقة والتحدي فيها بسورة واحدة وسورة هود لاحقة والتحدي فيها بعشر سور، وحقيقة أن ترتيب الآيات في النزول ليس من الضروري أن يتبع ترتيب السور ... ولقد حاول السيد رشيد رضا في تفسير المنار أن يجد لهذا العدد (عشر سور) علة فأجهد نفسه طويلًا -رحمة الله عليه- ليقول: (إن المقصود بالتحدي هنا هو القصص القرآني وإنه بالاستقراء يظهر أن السور التي كان قد نزل بها قصص مطول إلى وقت نزول سورة هود كانت عشرًا فتحداهم بعشر (٢) ... ونحسب والله أعلم أن المسألة أيسر من كل هذا التعقيد وأن التحدي كان يلاحظ حالة القائلين وظروف القول ... فالتحدي كان بنوع هذا القرآن لا بمقداره. والعجز كان عن النوع لا عن المقدار، وعندئذ يستوي الكل والبعض والسورة، ولا يلزم ترتيب (٣).


(١) الظلال (٣/ ١٧٣٤ - ١٧٣٥).
(٢) المنار جـ ١٢ ص ٣٢ - ٤١.
(٣) الظلال (٤/ ١٨٦١). لست مع المفسر فيما ذهب إليه ولا مع صاحب المنار كذلك وإنما الذي ارتئيه -والله أعلم- أن الترتيب كان مرادًا وإن صح أن سورة يونس نزلت قبل سورة هود بجملتها فلا يلزم منه أن آية هود نزلت قبل آية يونس. وهذا وإن نعلمه من جهة آثار صحيحة لكن السياق يحتمه ويقتضيه. انظر تفصيل ذلك في كتابنا (إعجاز القرآن الكريم).

<<  <  ج: ص:  >  >>