وأقول: يعجبني هذا القول فإنني لا أرى أن هناك قرآنًا نسخت تلاوته وقد بينت هذه القضية مفضلة في كتاب (إتقان البرهان)، فليرجع إليها من شاء.
٦ - يظهر تأثّر الشيخ بابن تيمية رحمه الله، في الأمور الفقهية واضحًا غير خفي في مواضع كثيرة، فإذا استعرضنا تفسيره لآيات الصيام والطلاق والتيمم، وجدناه لا يلتزم بأقوال فقهاء المذاهب فيما قرروه بل ينقل كثيرًا من أقوال ابن تيمية. ففي آخر تفسيره لآيات الصيام يقل فصلًا من كلام شيخ الإسلام رضي الله عنه، فيما يفطر الصائم وما لا يفطر. وعند مسائل الطلاق يأخذ ما عرف عنه وعن تلميذه ابن القيم، وفي مسألة التيمم ينال كعادته ممن يسميهم بالمقلدين، ويذكر فيما يذكر إباحة التيمم للمسافر، ولو وجد الماء، ثم يذكر ما معناها يبين فيها أحكامًا قال خلافها فقهاء المذاهب، ككون التيمم ضربة واحدة، يصلي بها أكثر من وقت، وغير ذلك من الأمور، ولست بصدد المناقشة لمثل هذه الآراء، فهذا ليس محله هنا، ولكن ما أردت إثباته، هو منهج المفسر واتجاهه في آيات الأحكام.
وقد عرضنا في الجزء الأول من هذا الكتاب الذي سميناه "التفسير اتجاهاته وأساسياته" عند حديثنا عن الاتجاه الفقهي جملة من الآراء في القضايا الاجتماعية والسياسية مثل تعدد الزوجات، وصلة المسلمين بغيرهم، وموقف المسلمين من المستعمرين لذا لا حاجة إلى إعادة ما ذكرته هناك فليرجع إليه من شاء.
[٣ - استشهاده بآراء المتكلمين في آيات العقيدة ومناقشتهم]
(وللناس فيما يعشقون مذاهب)
لام الشيخ كثيرًا في مقدمته هؤلاء الذين يمزجون التفسير بأمور خارجة عن روح القرآن، وهي مما يبعد الناس عن هدايته، وإذا أضفنا إلى هذا سلفية الشيخ، فإنه كان من المتوقع ألا يخوض في تفريعات علم الكلام ومسائل المتكلمين. ولكنه يأبى إلا أن يظهر لنا سعة اطلاعه في مختلف فنون العلم وأنواع المعرفة، على أننا