للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين قدموا القدوة وضربوا المثل لما يجب أن يكون عليه العالم المسلم، أمام التحديات التي يواجهها من خصوم الإسلام في الداخل والخارج، فلم يضعف أمام المغريات ولم يهب التهديدات، بل وقف موقفًا صلبًا رافع الرأس يقول كلمة الحق، ويقدم النصح للراعي والرعية، وينتصب أمام الطواغيت من عبيد الدنيا والذين يأكلون الفتات من موائد الأعداء، ويتسلطون على أبناء جلدتهم من الضعفاء والمساكين الذين لا حول لهم ولا طول، ولا يملكون من الأمر شيئًا ... إن العلامة محمد الخضر حسين قد استعلى بإيمانه على كل أولئك ولم تلن له قناة أو يتهالك على منصب، بل ركل المنصب بقدمه، حين رأى أنه صورة لا حقيقة، وألعوبة بيد الحكم المتسلط يملي عليه ما يشاء" (١).

ولقد كان حريًّا بأن تقدره هذه الأمة، وخاصة علماؤها، فتخلد ذكره. ولكننا أمة أعظم مصائبها أنها تنسى. رحم الله الشيخ، وجزاه عن جهاده خير الجزاء، وسامح أمته في ما قصرت فيه من أجله.

[تفسيره]

إذا أردنا أن نحصي تراث الشيخ في التفسير، فإننا نخرج بحصيلة كثيرة غير قليلة. ولقد كان من حقه أن تجمع هذه التفسيرات من مظانها، وتطبع في كتاب مستقل، ليفيد منه كل من أراد أن ينهل من هذا المنهل العذب.

إن ما كتبه الشيخ عن القرآن وتفسيره، يمكن أن يكون منه عدة أجزاء، ونسأل الله أن يقيض لهذا التراث (٢)، من يجمعه ليسهل إطلاع الناس عليه، وله بذلك


(١) من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية (٦٤١ - ٦٤٧).
(٢) لقد قام بهذا العمل -ولله الحمد- الأستاذ المحامي علي رضا التونسي جزاه الله خيرًا، فجمع جل ما فسره الشيخ في كتاب (أسرار التنزيل) تفسير آيات قرآنية كريمة، وبعض مقالاته التي تتعلق ببلاغة القرآن ونقل معاني القرآن إلى اللغات الأجنبية، ورأيه في تفسير القرآن، والمحكم والمتشابه في كتاب (بلاغة القرآن) وغبرها الكثير من الكتب.

<<  <  ج: ص:  >  >>