للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثلًا. كما رأينا ذلك عند قوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)} [الكافرون: ٦] حيث أسهب في الحديث عن حرية التدين، وانتقل بعد ذلك فبيّن أن الجهاد في الإسلام ضرورة دفاعية فحسب. ولعل من الإنصاف أن نقتطف أولًا عبارات من تفسيره لتوضيح ما ذهب إليه:

١ - يدعي أن هناك آيات مكية كثيرة، غير سورة (الكافرون) قررت مبدأ حرية التدين. فهو يقول: "ومن الجدير بالذكر، أن هذا المبدأ لم يقرر في هذه السورة فحسب، أو في العهد المكي الذي كان فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - ضعيفًا" (١) والمسلمون قلة مستضعفة، بل قررته آيات القرآن المكي في مختلف أدوار التنزيل مرات كثيرة وبأساليب متنوعة. ويستشهد بآيات كثيرة منها {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٤١)} [يونس: ٤١]، {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} [يونس: ١٠٨].

{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٤) قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥)} [سبأ: ٢٤ - ٢٥] {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: ٢٩] {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (٩٢)} [النمل: ٩٢] مع أن المتدبر لهذه الآيات والمتتبع لسياقها، يدرك لأول وهلة أنها لا تمت بصلة لما قرره الأستاذ، بل إن كثيرًا منها جاء بأسلوب التهديد على العكس مما ذهب إليه المؤلف.

كما استشهد كذلك بآيات مدنية، كآيات آل عمران والمائدة في مخاطبة أهل الكتاب {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ


(١) الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يكن في دور من أدوار حياته ضعيفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>