للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التحدي، فكأنه قال لهم بإيجاز بارع فهموه، بل بإشارة مانعة أدركوها: أيها العرب إنه القرآن الإلهي لا غير ... أرأيت كيف أغنت هذه الأحرف، التي بدأ المولى سبحانه بها سورة لقمان، عن خطبة كاملة في معنى التحدي وما إليه" (١).

ويقول في تفسيره لقول الله تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (٢) هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (٣)} [لقمان: ٢ - ٣] (٢): "والقرآن نبع فياض من حكمة الله، خالق الحكماء، ومعلم العلماء لذلك كان غاية الكمال بفضيلته، وغاية الحق بفلسفته، وغاية التوفيق بعاقبته، ولذلك كان ولا يزال كتاب الإنقاذ الأعظم والتوجيه الأقوم. ومن حكمته مراعاته في تشريعه، اليُسْرَ وقلة التكاليف والتدريج، ومن أسراره أدبه الذي لا يبارى ولا يجارى ... ثم جاءت الآية الرابعة تصور حال هذا الكتاب ومتبعيه المحسنين بكلمتين، أي: كلمتي (هدى ورحمة)، ووراء كل منهما بينات مشرقات، وما لا يحصى من مآثر ومكرمات.

أ- حسبنا الآن أن نذكر عملية ما في القرآن العظيم، من أحكام اعتقادية راسخة الأسس وتعبدية واضحة الآثار: من إيمان قوي موجه، وعبادات خاشعة متلألئة. وأحكام خلقية في الأدب النفسي، والسلوك الفردي والاجتماعي. وأحكام دستورية من أمر بالشورى والعدل والمساواة ... وأحكام تعاملية ... وأحكام اقتصادية واجتماعية وأحكام جزائية .. وأحكام حربية .. وقد أثبت التاريخ أن تطبيق هذه الأحكام، كفيل بتحقيق ثمراتها الطيبة الوافرة.

ب- ولا جرم أن في القرآن، وفيه ما أجملناه، رحمة لذويه تظلهم بأجنحتها وتحنو عليهم برعايتها، وما كان الرسول -صلى الله عليه وسلم-، الذي نزل عليه هذا القرآن إلا رحمةً للعالمين، فمن اهتدى بهديه كان محسنًا، ونال نصيبه جزيلًا في دنياه وآخرته، ومن


(١) التفسير، ص ١٢ - ١٤ سورة لقمان.
(٢) التفسير، ص ١٦ - ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>