المشتهر عند المفسرين في تفسير هاتين الآيتين الكريمتين قصّة نسجت حولها كثير من الحكايات، خلاصتها: أنّ السامريّ رأى جبريل وهو نازل من السماء فنظر موضع قدم فرسه، فقبض قبضة من هذا التراب الذي مسّه قدم فرسه فوضعه مع الحليّ في النار، فكان منه هذا العجل، لأنَّ ما مسته قدم فرس الرسول يكون فيه حياة، فالرسول في الآية الكريمة جبريل.
وهذه القصة الغريبة لم يرد فيها أثر صحيح من السنة المطهرة، فلا تزيد على أن تكون من أخبار القصاص، على أن الشهاب الألوسي - رحمه الله - دافع عن هذا القول دفاعًا كثيرًا.
وهناك قول آخر للمفسرين ذكره أبو مسلم بن بحر الأصفهاني، ورجحه الزمخشري واختاره الرازي، وتفسير الآية الكريمة على هذا القول كما يلي:
قال فما خطبك يا سامريّ قال بصرت بما لم يبصروا به، أي عرفت ما لم يعرفوه، وكان يعني بذلك صنع التماثيل، فضعت هذا التمثال من الحليّ وكنت قد قبضت شيئًا من شريعتك، فالقبض هنا مجازي، أي اتبعت شيئًا من شريعتك ولكنني نبذته، ثمَّ اعترف بأن هذا ما سولت به نفسه له ونظن أن هذا القول أولى بالقبول مما اشتهر عند المفسرين.
وأرى أن هذه النماذج كافية لبيان حقيقه هذا الأمر، وهو أنَّه ليس كل ما اشتهر جديرًا بالقبول.
ولا أودّ أن أسترسل فكم من أقوال مشتهرة ذكرها المفسرون جديرة بالمراجعة والتمحيص. وجلّ الله تبارك وتعالى وصلَّى الله على نبيه المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى. ورحم الله الأئمة والعلماء فكلٌّ يؤخذ منه ويردّ عليه.