للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويفترضون له حججًا وأدلة ويأتون بها ويردون عليها ليسلم لهم الرأي الذي يتبنونه، وهذا كثير في كتبهم، وإلا فكيف يمكن أن نتصور أن هناك عاقلًا، فضلًا على أن يكون عالمًا، فضلًا على أن يكون إمامًا لا يجيز التفسير إلا إذا كان مرويًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو كان له حكم المرفوع، وهو قليل؟ ولو قدِّر لمثل هذا القول -لا سمح الله- أن يكون له رواج في البيئة العلميّة لما أفاد أحد من هذا القرآن العظيم ولما كانت هذه المكتبة القرآنية التي أنعم الله بها على المسلمين، بل على الناس جميعًا، لقد كتب صاحب كتاب، (الدخيل في التفسير) (١) ما يزيد على خمسين صفحة في هذا الموضوع وما نظن أن الأمر يحتاج إلى ذلك كله.

والذي يقرأ أدلة هؤلاء الذين أدّعي أنهم يمنعون التفسير بالرأي، يدرك لأول وهلة أنها لا تعدو أن تكون عموميات يسهل نقضها والردّ عليها، فمنها مثلًا:

١ - قول الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: ٤٤] قالوا فهذه الآية الكريمة تبين أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الذي ينبغي أن يبين للناس. ويرد هذا القول بأن الآية الكريمة ليس فيها أن غير الرسول عليه وآله الصلاة والسلام لا يجوز له أن يبين للناس، كيف وهناك آيات كثيرة، تحتم على العلماء أن يبينوا للناس ما لا يعلمون؟

٢ - ما رواه الترمذي وأبو داود عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من قال في كتاب الله عز وجل برأيه فأصاب فقد أخطأ" (٢) ومع أن الترمذي قال عنه غريب، فقد تكلموا على أحد رواته، وهو سهيل بن أبي حزم، قال ابن حجر (سهل بن أبي حزم، ويقال إن اسمه مهران، أو عبد الله وبعد أن ذكر عمن روى، ومن روى عنه، قال. قال حرب عن أحمد. روى أحاديث منكرة وقال البخاري لا يتابع في حديثه، يتكلمون فيه، وقال أبو


(١) ص ٢٣٨ - ٣٣٩.
(٢) أخرجه الترمذي (٢٩٥٢) وأبو داود في كتاب العلم (٣٦٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>