هذه إشكالات الشيخ رشيد في مسألة الدجال، والذي يظهر لي أن هناك إشكالًا واحدًا فقط وهو عدُّ الشيخ وجعله مثل هذه الأمور إشكالًا.
أما قوله إن هذا ينافي إتيان الساعة بغتة فلا يسلم له، فإن هناك فرقًا بين الساعة وأماراتها كما ورد في حديث جبريل عليه السلام، الذي ورد في الصحيحين عن أمارات الساعة، ولا إخال الشيخ ينكره. ثم إن بعثة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أعظم علامات الساعة، كما ذكر الشيخ من قبل، فلا ينافي هذا كون الساعة بغتة يقول الله تعالى {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا}[طه: ١٥]، فأمارات الساعة إذًا مما يستأنس به المؤمنون ويزيدهم إيمانًا.
وأما قوله في الإشكال الثاني إن خوارق الدجال تضاهي بل تفوق ما أعطاه الله لأولي العزم من الرسل، وتعد شبهة عليها، فهذا من غرائبه، فالشيخ رحمه الله يعلم قبلنا أن المعجزات إنما انتهت بانتهاء أزمنة الأنبياء، وأن الله تبارك وتعالى يبتلي عباده بما شاء من الفتن، ليظهر الصادق من الكاذب، ثم إن ما أعطيه الدجال يحمل زيفه معه، كما جاء في الروايات الصحيحة، وما أكثر ما يفتن به الناس في هذه الحياة، أفليس الشيطان فتنة حُذر منه المؤمنون؟ ألم يقل الله عما متع به كثيرًا بأنه زهرة الحياة الدنيا ليفتنهم فيه؟ وعجيب قول الشيخ بأن ما أعطيه الدجال يفوق ما أوتيه الرسل من المعجزات. والحق أنه ليس هناك مضاهاة، ولا ما هو قريب منها، بل إنه قياس مع الفارق، كما يقولون.
وأما كون ما أعطيه الدجال مخالفًا لسنن الله تعالى، فمن المعلوم أن سنن الله ليس ما ألفه الناس فقط، فمن سننه التي تقتضيها حكمته كذلك، ما ليس بمألوف ألم يحدثنا القرآن عما فعله سحرة موسى، حتى إنه عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أوجس في نفسه خيفة؟ وكذلك عن أصحاب الفيل وأهل الكهف، والذي أماته الله مائة عام ثم بعثه.
وأما كون أخبار الدجال تخالف القطعي، وتستلزم تخلف أخبار الأنبياء، فهذا