غير وارد هنا، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يعين السنة أو اليوم الذي ستظهر فيه. والساعة لم تقم بعد.
لكن الشيخ سامحه الله يمزج بين صحيح الروايات وضعيفها، والمقبول منها والمردود، فيبني على كل ذلك نتائجه، مع أن النصفة تقتضي منه غير ذلك.
بقي القول بأن بين هذه الأحاديث تعارضًا، والتعارض الذي ذكره الشيخ يرجع تارة إلى المكان الذي يخرج منه الدجال، وتارة إلى زمانه، وتارة إلى ما أعطيه مما يخدع به الناس، وأقول إن منشأ هذا التعارض هو إدراج الروايات الضعيفة والصحيحة وجعلها في سلك واحد، ونحن نعلم أنه ينبغي أن نأخذ أصح الروايات، وألا نحتج بما ضعف منها على ما صح. وإن الناظر فيما جاء في الصحيح، لا يجد تعارضًا حقيقيًّا، وكل ما يوهم ظاهره التعارض قد بينه العلماء.
ويفيض الشيخ في الحديث عن ابن صياد وعن الجساسة، جاعلًا كل ما ورد من هذه الأخبار يفضي إلى نتيجة واحدة، هي أن حديث الدجال مصنوع، ويرد على التواتر بأنه تواتر بمعنى كثرة الأخبار فقط، وأنه إن صح شيء من حديث الجساسة فإنما هو فقط كون الدجال لا يدخل مكة والمدينة.
يقول الشيخ:(ينظر إلى اختلاف الروايات الأخرى في مكان الدجال بعين، وينظر إلى اختلاف الروايات في ابن صياد بالعين الأخرى، وينظر بالعينين كليتهما إلى سبب هذا التردد ومنافاته لأن يكون كلامه صلوات الله وسلامه عليه في أمر الدجال عن وحي من الله تعالى).
وكان حريًا بالشيخ أن يكتفي بما قاله الأئمة الأعلام في موضوعي الجساسة وابن صياد، وعلى سبيل المثال ما نقله الشيخ نفسه عن الإمام النووي رضي الله عنه في موضوع ابن صياد وعن العلامة الطيبي في حديث الجساسة. (يقول الإمام النووي: (وظاهر الأحاديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يوح إليه بأنه المسيح الدجال ولا غيره، وإنما أوحي إليه بصفات الدجال، وكان في ابن صياد قرائن محتملة، فلذلك كان