[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]
خلاف؛ فقيل: مشتق من البِخاع بالباء الموحدة (بوزن كِتاب)، وهو عِرْق مستبطن في القفا، فإذا بلغ الذابحُ البِخَاع، فذلك أعمقُ الذبح، قاله الزمخشري في قوله تعالى:{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ}[الشعراء: ٣]، وانفرد الزمخشري بذكر هذا الاشتقاق في "الكشاف" و"الفائق" و"الأساس". قال ابن الأثير في "النهاية": "بحثت في كتب اللغة والطب فلم أجد البِخاع بالموحّدة"، يعني أن الزمخشري انفرد بهذا الاشتقاق، وبإثبات البِخاع اسمًا لهذا العرق.
قلت: كفى بالزمخشري حُجَّةً فيما أثبته، وقد تبعه عليه المطرزي في "المُغْرب" وصاحب "القاموس"" (١).
والشيخ ابن عاشور حين يسوق هذه المعلومات الصرفية، لا يسوقها دائمًا سياق المسلِّم بها المعجب بها، وإنما يبدي رأيه فيما لا يعجبه منها، وقد يلوح له أحيانًا عدم قناعة باشتقاقٍ ما، أو عدم معرفة به، فيذكر ذلك في أثناء تفسيره.
ومن الأمثلة على ذلك: ما ذكره عند تفسيره قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ}[البقرة: ١٤٢]، حيث قال: "والقِبلة في أصل الصيغة اسم على زِنَة فِعْلةِ بكسر الفاء وسكون العين، وهي زنة المصدر الدال على هيئة فعلِ الاستقبال، أي: التوجه، اشتق على غير قياس بحذف السين والتاء، ثم أُطلقت على الشيء الذي يستقبله المُستقبِل مجازًا، وهو المراد هنا؛ لأن الانصراف لا يكون عن الهيئة، قال حسان في رثاء أبي بكر -رضي الله عنه -:
أليسَ أولُ من صَلَّى لقبلتِكُمْ
والأظهر عندي أن تكون القبلة اسم مفعول على وزن فِعْلٍ كالذِّبح والطِّحن، وتأنيثه باعتبار الجهة كما قالوا: ما له في هذا الأمر قِبْلة ولا دِبْرة، أي: وجهة. اهـ".
قلت: وهذا يخالف ما كان عليه الواقع، فهل كانت القِبلة مرغوبة لديهم؟