بالغاية من تأكيد هذا التقسيم، وأنه لا يمكن أن يخالف بحال" (١).
ب - وعند قوله تعالى:{فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} في الأربعة الحرم باستحلال القتال فيها بعد أن أكَّد الإِسلام حرمتها، وحرَّم فيها القتال، أو في الشهور كلِّها بأن يستخدم الوقت في العبث أو العصيان فيظلم الإنسان نفسه بصرف وقته في غير ما خلق له وبطاعة الله وأداء حقوقه، وقد خلق الله الموت والحياة، وجُعل العُمر بينهما ابتلاءً وامتحانًا للناس:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[هود: ٧] قولان، ولعلَّ النافي أشمل وأفضل، والله أعلم.
وفي حكمة تسمية سورة البقرة بهذا الاسم يقول الشيخ البنا رحمه الله:
"قال المفسرون: سميت بهذا الاسم لما ورد فيها من ذكر قصة البقرة ويبدو لي أن الحكمة في هذه التسمية أعمق من هذا الذي ذُكر، ولعلها لفت النظر إلى هدم هذه العقيدة في نفوس الناس: عقيدة تقديس البقرة وعبادتها من دون الله، والمقصد الأول من الأديان وبالتالي من إنزال القرآن تقرير وحدانية الله تبارك وتعالى وصرف وجوه عباده وقلوبهم إليه، وتنزيهه عن كل ما لا يليق بجلاله، ولقد كانت البقرة أوفر أنواع الحيوان حظًّا من عبادة البشر وتقديسهم، فالتاريح يحدثنا. عن قدماء المصريين وكيف كانوا يبالغون في تقديس هذا الحيوان وعبادته، ويعنون أشد العناية باختيار العجل (أبيس) بشروط خاصة وكيفيات خاصة حتى سرت منهم هذه العادة إلى الإسرائيليين رغم ما كان فيهم في أنبياء وما أنزل الله عليهم من كتب.
ولقد عرفت عبادة البقر في معظم القارة الآسيوية كذلك بين الأشوريين والبابليين والإيرانيين والهنود، ولا زالت إلى اليوم معبود الهندوس الأعظم، وسرى إلى العرب شيء من هذه العقيدة فكان منها السائبة والبحيرة والوصيلة والحامي وما يصل بها من شعائر. ولقد استمر ظل هذه العقائد الفاسدة ممتدًا حتى وصل إلى بعض المجتمعات الإِسلامية، وكنا نسمع إلى وقت قريب عن (عجل السيد)