ولهذا كان من اللازم أن تُحارب هذه العقيدة، وأن تُجتث من أصولها، وأن تسمى أطول سورة في القرآن باسم الجزء الذي تعرض للبقرة منها، وفيه الأمر بذبحها بأيدي الذين سرى إلى نفوسهم تقديسها، وتكريمها من بني إسرائيل تقليدًا للمصريين ونقلًا عن شرائعهم حينذاك ... والله أعلم.
وعند قوله تعالى:{الم}
قال الشيخ رحمه الله:
"الحروف المفردة في أوائل السور:
{الم} وما شابهها في أوائل السور القرآنية كثرت فيها أقوال المفسرين وأحقها بالنظر والتقدير آراء ثلاثة:
أنها للفت النظر للاستماع للقرآن حين يتلى، فهي أداة تنبيه وخاصة للمشركين الذين كانوا يعلمون تمام العلم أن محمدًا عليه الصلاة والسلام أميّ لم يقرأ ولم يكتب قبل أن يوحى إليه هذا القرآن، فنطقُه بهذه الحروف على الهيئة التي لا يحذقها إلا القراء والكاتبون أمرٌ يستدعي الانتباه ويستلفت النظر.
أو أنها إشارة إلى الإعجاز، كأنه يقول لهم إن هذه الألفاظ والجمل والعبارات والآيات قد ركبت من هذه الحروف البسيطة التي تعرفونها جميعًا، ومع ذلك فقد عجزتهم عن الإتيان بمثل هذا التركيب مع أن هذه هي مادته الأولية بين أيديكم، فلا مندوحة لكم بعد هذا من الإقرار بأن هذا الكتاب المركب هذا التركيب من عند الله لا من صنع البشر.
أو أنها إشارة إلى فضل الكتابة وسمو منزلتها والتفاؤل بأنه كما كانت معرفة البشر للكتابة إيذانًا بانتقالهم من طور إلى طور في مدارج الرقي والكمال، فكذلك الاهتداء بهذه الرسالة سيكون انتقالًا جديدًا إلى درجة أعلى وأكمل في مدارج