للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعترضوا به عليه. ولكنّ الأمر لم يقف عند هذا الحدّ، فقد رأينا من تصدّى للدفاع عن الزمخشري قال السمين - رحمه الله - قد أطال الكلام في هذه القضيّة - بعد أن نقل عبارة الزمخشري السابقة:

"قال الشيخ (١): "وهذا وهم فاحش، إذ بني القراءتين على اختلاف الروايتين من أنَّه سَرى بها أو لم يَسْر بها، وهذا تكاذُبٌ في الإخبار يستحيل أن تكون القراءتان - وهما من كلام الله تعالى - يترتبان على التكاذب".

قلتُ: وحاشَ لله أن تترتب القراءتان على التكاذب، ولكن ما قاله الزمخشري صحيح. الفرض أنَّه قد جاء في التفسير القولان، ولا يَلْزم من ذلك التكاذبُ، لأنَّ من قال إنه سَرى بها يعني أنها سَرَتْ هي بنفسها مصاحبةً لهم في أوائل الأمر، ثمَّ أخذها العذاب فانقطع سراها، ومن قال إنه لم يسرِ بها، أي: لم يأمرها ولم يأخذها وأنه لم يَدُم سُراها معهم بل انقطع فصحَّ أن يُقال: إنه سرى بها ولم يَسْرِ بها، وقد أجاب الناس بهذا، وهو حَسَن" (٢).

وممن جوَّد النقل في هذه المسألة وأطال النَفَس خاتمة المحققين الشهاب الألوسي رحمه الله فقد أجاد وذكر ما يشبع ويشفي الغلّة فليراجعه من شاء حيث كتب في ذلك عدة صفحات من القطع الكبير قال بعد أن ذكر كلام الزمخشري:

"نعم. يردُ على قوله: (واختلافُ القراءتين لاختلاف الروايتين) أنَّه يلزم الشكّ في كلام لا ريب فيه من رب العالمين. ويجاب بأن معناه اختلاف القراءتين جالب وسبب لاختلاف الروايتين كما تقول: السلاح للغزو أي أداة وصالح مثلًا له. ولم يُرِدْ أن اختلاف القراءتين لأجل اختلاف الروايتين قد


(١) يعني أبا حبَّان الأندلسي. انظر تفسيره البحر المحيط: ٥/ ٢٤٨.
(٢) الدرّ المصون: ٦/ ٣٦٨ - ٣٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>