للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنجليزي وأحد مستشاري وزارة الخارجية حقيقة الدور الذي تلعبه مدرسة محمد عبده إذ يقول: (إن في كل البلاد الإسلامية حركات معينة، تختلف قوة واتساعًا، ترمي إلى تأويل العقائد الإسلامية وتنقيحها، وقد اتجهت مدرسة محمد عبده بكل فروعها وشعبها نحو تحقيق هذا الهدف) (١) ويثني على الشيخ محمد عبده وتلاميذه، الذين يمتزجون بالصفوف الأوروبية) (٢).

ونحن أكثر منه ثناء وأشد منه حبًا، لا من أجل ما قصده (جب) ولكن من أجل ما قصده الشيخ نفسه، فلقد كان رحمه الله ذا قصد نبيل، يظهر في محاولته تيسير فهم القرآن من أجل أن يحكمه المسلمون في شؤون حياتهم كلها، ولكن لكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة.

وسيبقى الأستاذ حيًّا في مدرسته في التفسير، التي لا زالت تمد المسلمين بغذاء فكري ومنهج قويم في فهم القرآن، لولا بعض الهفوات، وحبذا لو جمع تفسيره على حدة، ليسهل على الدارسين مطالعته.

ولقد تتلمذ في مدرسة الأستاذ، أعلام من رجال العلم في حياته، وبعد وفاته، وإن اختلفوا فيما بينهم قوة وضعفًا ومنهجًا وأسلوبًا، إلا أنهم يشدهم أصل واحد، هو ارتباطهم بهذه المدرسة، ومن الإنصاف أن نقرر هنا أن تقديرهم للشيخ، لم يصل بهم إلى درجة التعصب لآرائه، فكثيرًا ما يخالفونه ويستدركون عليه، وعليه فلقد بقيت شخصيتهم العلمية، دون أن تذوب أو تتلاشى. ولعل ذلك يرجع إلى روح البحث العلمي من جهة، وإلى نفس الشيخ ومسلكه من جهة أخرى. فكم من مبتلين بآفة التبعية والتقليد، يدافعون عن كل باطل ممن اتبعوه، وهو يزين لهم ذلك ويحببه.

ويحسن بنا هنا أن ننبه على أمر، ألا وهو أن بعض الباحثين، قد قوم هذه


(١) إلى أين يتجه الإسلام ص ٦٣.
(٢) الاتجاهات الحديثة في الإسلام ص ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>