المدرسة برجالاتها المختلفين تقويمًا واحدًا، فهو يعد رجال هذه المدرسة متفقين في كل صغيرة وكبيرة.
وهذا ضرب من التحكم لا نرتضيه، فقد جمع هذه المدرسةَ أصولٌ وجذور انتموا إليها، وعلى أساسها انطلقوا مثل الاتجاه الهدائي والاجتماعي، وترك التقليد، لكنهم قد اختلفوا في أصول وفروع أخرى، فعلى سبيل المثال قد عدّ الدكتور فهد الرومي محمد فريد وجدي من هذه المدرسة، ثم نقل رأيه في مسألة القضاء والقدر، وأنه يقول بالجبر، وبعد هذا نقل رأي أرباب هذه المدرسة القائلين بالاختيار، ونسب إليهم التناقض والاضطراب (١).
وهذا كلام مضطرب ومتناقض، وإلا فيلزمنا عليه أن ننسب التناقض والاضطرات إلى مدرسة الحنفية التي تعددت الآراء فيها حتى أصبحت مذاهب وفهومًا متعددة، وأهل مدرسة الرأي وغيرها من المدارس الفقهية والكلامية وإلى المدرسة السلفية كذلك.
من أجل هذا آثرت أن يكون حديثي عن رجالات هذه المدرسة منفصلًا غير متداخل كما صنع الرومي، فألزمهم التناقض والمروق من الدين والفساد الفكري حتى كاد يخرجهم من ربقة الإسلام، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالحديث عن هؤلاء الأعلام كل على حدة يعطينا تصورًا عن شخصية كل واحد منهم، ومدى عمقها وتأثيرها، وتأثرها وإنتاجها من الشخصيات الأخرى، وهذا أقرب للعدل والإنصاف العلمي من الطريقة الأخرى، وكنا نود أن يكون الدكتور فهد بعيدًا عن هذا الغلو الذي سلكه في كتابه.
وسأحاول إن شاء الله أن أتتبع رجال هذه المدرسة، ومناهجهم في التفسير واحدًا واحدًا، وإن من أبرز هؤلاء وألصقهم بالأستاذ، وهو الذي حفظ لنا تراثه وأول من ناداه بالإمام، السيد محمد رشيد رضا.