للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - وعند تفسيره سورة الأنفال يميط الأذى من طريق المسلمين، هذا الأذى الذي يتمثل في شبهات خصوم الإسلام، فيأتي بشبهتين -شبهة على أصل الحرب في الإسلام، وشبهة على سبب غزوة بدر، حيث يُفْتَرَى بهذه الشبهات على الإسلام، ويردُّهما الشيخ جزاه الله خيرًا ويفندهما. وها هو يقول في تفنيد الشبهة الثانية وردها: (وأكبر دليل على أنهم لم ينبعثوا عن رغبة في السلب والنهب والاستيلاء على الأموال، أنه لم يؤثر عنهم التفكير ولو مرة واحدة، في أن يتجهوا إلى عِيْر قريش فيسلبوا وينهبوا، وقد كانوا يعيشون مع اليهود فعاهدوهم، وأمنوهم وأحسنوا جوارهم، وظلوا محافظين على جوارهم وعهودهم، إلى أن نقض هؤلاء عهودهم، واتصلوا بمشركي قريش وألبوا عليهم، فلو كان المسلمون يصدرون عن طبيعة حب السلب والنهب، لوجدوا في أموال اليهود ما يمكنهم أن يتجهوا إلى سلبه، فاتخاذهم أموال قريش غرضًا خاصًّا، ليس له سبب ما إلا أنهم وجدوا أنفسهم في حرب مع قريش) (١).

جـ - وكما رد الشيخ شبهات خصوم الإسلام وأعدائه، لم ينس هؤلاء الذين يُسمَّون مسلمين، ولكنهم فتنوا بالحضارة والمادة، فتاهوا بين إلحاد الشرق وميوعة الغرب، هؤلاء الذين تعاني منهم أمتنا كل عنت، وهم السبب في انحدارها وتقهقرها، والمصيبة تكون أعتى وأشد، حينما يتسلم هؤلاء زمام أمر الأمة ومقدراتها، فيضلون ويضلون، لا ينسى الأستاذ الأكبر رحمه الله أن يلتفت إلى هؤلاء، عاقدًا موازنة بينهم وبين المنافقين، الذين ابتليت بهم الأمة في أول أمرها.

يقول الشيخ شلتوت (هذا اللون من ألوان التمرد على أحكام الله، قد مني به المسلمون في أول شأنهم بالمنافقين، كما تحدثت عنه سورة النساء، ومنوا به في آخرهم بأرباب الثقافات الأجنبية، الذين غرهم بريق الطواغيت الأوروبية


(١) تفسير القرآن الكريم ص ٥٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>