للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكافرة بالله وبشرع الله، فرأوا أن تشريع تلك الطواغيت هو التشريع الملائمُ للعصور، المحقق للمصالح المسايرُ للحضارة. أما قطع يد السارق، أما جلد الزاني، أما تحريم الربا، أما حظر التجارة بالخمر والخنزير وتحريم أكلهما والانتفاع بهما، أما تعدد الزوجات، أما {فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١]، أما {الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: ٣٤] أما {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: ٥٩]، أما كل هذا وأمثاله، مما وضعه الحكيم الخبير، العليم بطبائع النفوس ودخائلها، وبما يصلحها وبما يفسدها وهو الواقع الملموس، أما كل هذا فتشريع جاف صحراوي، لا يلبي حاجة العصر، ولا يتفق وحضارة الإنسان ... نعم هو لا يتفق وهذه الميوعة الخلقية والاجتماعية، لا يتفق وهذا الذوبان والانحلال، أما كل ما يأتي به الغرب وترمينا به تياراته الخبيثة، فإنه يتفق وهذا الضعف، الذي أناخ بكلكله على المسلمين، وسلبهم الثقة بأنفسهم وقوميتهم، وجعلهم يؤمنون بباطل أعدائهم، ويكفرون بالحق الذي أنزله الله واختاره، ولكن {قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا} [الإسراء: ١٠٧ - ١٠٨]، {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [سبأ: ٦] (١).

د - كثيرًا ما يستنبط الشيخ من النص القرآني أو يتوسع في فهمه، بما لا يخرج به عن مدلول لفظه، فهو مثلًا يشير إلى حرب الأفكار والمبادى، وأهمية هذا اللون من الحرب، كما يشير إلى شرعية الأحكام العرفية إن وجد ما يسوغها، كل ذلك يفهمه من سياق آيات سورة النساء، التي تحث على الجهاد، وتأمر بالإعداد وتفضح المنافقين والمثبطين، كما نجده عند تفسير قول الله تعالى:


(١) ص ٢١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>