للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وآياته وبلاغته في إيجازه، ومن ذلك:

١ - عند قوله تعالى {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} [آل عمران: ٣٦] يقول: (قالوا إن هذا خبر لا يقصد به الإخبار. بل التحسر والتحزن والاعتذارة فهو بمعنى الإنشاء وذلك أنها نذرت تحرير ما في بطنها لخدمة بيت الله والانقطاع لعبادته فيه، والأنثى لا تصلح لذلك عادة لا سيما في أيام الحيض) (١).

٢ - وبعد أن يفسر قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: ٢٥٤] يقول: (أقول: لا يبعد أن يكون في قوله تعالى بعد نفي الخلة والشفاعة. {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} تعريض بهؤلاء الملوك الذين يمنحون بالشفاعة غير المستحق ويمنعون المستحق، ويعاقبون بها البريء ويعفون عن المجرم، والمراد بالكافرين الكافرون بالنعم بقرينة السياق، وهم الذين لا ينفقون في سبل البر والخير. وقد قصر الظلم عليهم، كما أفادت الجملة المعرفة الطرفين تشنيعًا لحالهم، كأن كل ظلم غير ظلمهم ضعيف لا يعتد به؟ لأنهم ظلموا أنفسهم ودنسوها برذيلة البخل ومنع الحق، وظلموا الفقراء والمساكين وغيرهم من الأصناف الذين فرضت لهم الصدقة؛ بمنعهم مما فرضي الله لهم، وظلموا الأمة بإهمال مصالحها المعبر عنها بسبيل الله. وإن أمة يؤدي أغنياؤها ما فرضي الله عليهم لفقرائها ولمصالحها العامة لا تهلك ولا تخزى ولا شيء أسرج في إهلاك الأمة من فشو البخل ومنع الحق في أفرادها) (٢).

٣ - وعند قوله تعالى {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: ٢٤٥] يقول:

(وقد ذكر حكم هذا الإنفاق في سبيل الله بعبارة تستفز النفوس، وأسلوب يحفز الهمم، ويبسط الأكف بالكرم، فقال: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا


(١) ٣/ ٢٨٨.
(٢) ٣/ ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>