للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللتوكيد في العربية طرق مألوفة، منها اتباع الفعل بالمصدر، نحو قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}، ومنها اشتقاق وصف من الفعل وإيراده في صورة الحال، نحو {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا}. أو من فعل موافق له في المعنى، نحو {وَلَّى مُدْبِرًا}. ومن هذا القبيل قوله تعالى: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}. فقوله (مفسدين) يكسو النهي عن الفساد قوة، ويجعله بعيدًا من أن يغفل عنه أو ينسى.

٤ - وعند قوله: {وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ} [البقرة: ٨٥].

من أساليب البيان عندما يراد إعطاء الخبر جانبًا من العناية والتأكيد. أن يصدر المتكلم الجملة بضمير المفرد الغائب "هو" ثم يأتي بعده بالخبر، ويكون هذا الخبر هو معنى ذلك الضمير الذي وقع صدرًا في الجملة. ويسمونه ضمير الشأن. والضمير في قوله تعالى {وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ} من هذا القبيل.

ج - ومن القضايا النحوية التي ذكرها الشيخ، إضافة لما مر.

١ - {وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: ٥٨].

الحطّة: من حط بمعنى وضع، وقد وردت هذه الكلمة وهي مفردة في معرض الحكاية بالقول (وقولوا حطة) والمعروف أن القول لا يحكى به إلا الجمل، ولا يحكى به المفردات إلا أن يكون المفرد في معنى الجملة نحو: شعر وخطبة، وهذا ما دعا المفسرين إلى فهم الآية على وجه يجري به القول على أصله من حكاية الجمل. ومن أقرب ما تفسر به الجملة أن يكون (حطة) مصدرًا مرادًا منه طلب حط الذنوب. وقد يجيء المصدر المراد منه الطلب مرفوعًا نحو "سلام عليكم" ويحمل من جهة صناعة الإعراب على أنه خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: مسألتنا حطة، أي أن تحط عنا ذنوبنا. والاقتصار في لفظ الجملة على الخبر وحدة عند قيام قرينة تدل على المبتدأ، من أساليب الإيجاز المعدود في أبدع فنون البيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>