للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيف تسوقه الرياح، وإذا رأوا القرآن يذكر الجبال أو يتحدث عن النبات والحيوان وما خلق الله من شيء قالوا: هذا حديث القرآن عن علوم الطبيعة وأسرار الطبيعة، وإذا رأوه يتحدث عن الشمس والقمر والكواكب والنجوم، قالوا: هذا حديث يثبت لعلماء الهيئة والفلكيين أن القرآن كتاب علمي دقيق! .

ومن عجيب ما رأينا من هذا النوع أن يفسر بعض الناظرين في القرآن قوله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الدخان: ١٠، ١١] بما ظهر في هذا العصر من الغازات السامة، والغازات الخانقة التي أنتجها العقل البشري بعيدًا عن قوله تعالى: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ}، {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (١٣) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ}.

ويعرض الشيخ بعض الآيات التي فسرت ببعض النظريات العلمية، ثم يقول:

إن هؤلاء في عصرنا الحديث لمن بقايا قوم سالفين فكروا مثل هذا التفكير ولكن على حسب ما كانت توحي به إليهم أحوال زمانهم، فحاولوا أن يخضعوا القرآن لما كان عندهم من نظريات علمية أو فلسفية أو سياسية.

ولسنا نستبعد -إذا راجت عند الناس في يوم ما نظرية (داروين) مثلًا- أن يأتي إلينا مفسر من هؤلاء المفسرين الحديثين فيقول: إن نظرية داروين قد قال بها القرآن منذ مئات السنين (١).

ومن الأدلة التي استند إليها الشيخ محمود شلتوت في ردّ التفسير العلمي:

١ - إن الله لم ينزل القرآن ليكون كتابًا يتحدث فيه إلى الناس عن نظريات العلوم ودقائق الفنون وأنواع المعارف.


(١) رحم الله الشيخ فقد جاء من فسر بعض آيات القرآن بنظرية (داروين) وهو الدكتور مصطفى محمود فيقول في كتابه القرآن محاولة لفهم عصري: (إن داروين قد أحسن ووفق فيما توصل إليه من اكتشاف وشائج القربى بين المخلوقات جميعها، فها هي ذي نفس عضلات الأذن التي كانت تحرك آذان (أجداده) الحمير، وقد تليفت وضمرت حينما لم تعد لها وظيفة) ص ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>