- أما المرتضى فكان إمامًا ذا باعٍ طُولى في كثير من المعارف وأنواع العلوم، كان متكلمًا لغويًّا، يدلّ على ذلك هذه المجالس العلمية في كتابه الأمالي، التي سجلها تلاميذه، والتي عرض فيها كثيرًا من أنواع البيان في تفسير بعض الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة .. ولقد كان الرجل -كما يظهر من تفسيره لهذه الآيات والأحاديث- ذا عارضة قوية، وقد وفق في كثير مما تناوله في شرح هذه الآيات والأحاديث، ولا يتسع المقام لنقل شيء مما كتب، لكننا نحيل القارئ على كتاب الأمالي.
- أما الشريف الرضي ففضلًا على أنه شاعر مبدع، يشهد لذلك ديوانه، فيقال إن له تفسيرًا للقرآن الكريم، أشار إليه هو، وقد ظهرت براعته البيانية في كتابه (تلخيص البيان في مجازات القرآن)، وهو مرتب على السور القرآنية، وفيه لفتات خلّابة، تجذب القارئ ليحلّق في أفق البيان القرآني، وهو يقطف من ثماره ويشم أريجه الفواح من دوحته الغنّاء.
فإذا تركنا هذين الأخوين، أو هذا الاتجاه اتجاه الأدباء والمتكلمين، إلى اتجاه اللغويين وجدناهم يحاولون أن يمسوا البيان القرآني، ولكن جهودهم فيه محدودة، فالمبرّد، وأبو هلال العسكري وغيرهما لهم بعض الملحوظات التي يُقْبَل بعضها ويردّ بعضها الآخر.
ولمّا كان هذا الكتاب يتحدث عن اتجاهات التفسير، رأيت أنه من غير المناسب أن أطوّف بكلّ ما كتب في هذا الموضوع وأنقل شيئًا مما كتب، بل أكتفي بالإشارة والإحالة لمن أراد أن يستزيد.