وعلى رغم أننا لا نشك فيما ينطوي عليه قلب الشيخ طنطاوي رحمه الله، من عقيدة راسخة ونية صادقة وهدفٍ نبيلٍ وغاية شريفة، إلا أن ذلك لا يمنع من إبداء بعض الملاحظات على التفسير، مما نعتقد أنها كانت منزلقات خطيرة:
١ - وأخطر هذه المنزلقات، ما بثه الشيخ في ثنايا تفسيره من حديث عن تحضير الأرواح، ويا ليته اكتفى بذلك، بل حاول أن يثبت صلة بين القرآن وبين هذا الذي يسميه علمًا، فلقد أسرف الشيخ في ذلك كثيرًا، وما كنا نظن أن مثل الشيخ ثقافة وعلمًا وإيمانًا، يمكن أن تنطلي عليه مثل هذه الخدع الباطلة.
٢ - كذلك يؤخذ على الشيخ، ما يلمحه الإنسان في ثنايا تفسيره من إيمان ببعض أقوال رجال الفكر الغربيين، حتى إنه ليقرن ذكرهم مع القرآن، كما ذكرت في بعض شواهده من قبل.
٣ - كما يؤخذ عليه إكثاره من بث الصور في تفسيره.
٤ - ولقد دهشت كثيرًا وأنا أقرأ للشيخ في الجزء الحادي عشر (١)، بحثًا عن كيفية اتحاد المسلمين، يزعم فيه أن المسلمين على اختلاف بلادهم وفرقهم، إنما فرقهم انحصار عقولهم في علم التوحيد والعلوم الفقهية، وأنهم يمكن أن يتحدوا، إذا درسوا العلوم الحديثة، كعلم التشريح وعلم النفس والنبات والحيوان والكيمياء، وهذه العلوم يمكن أن توحد لا بين المسلمين فحسب، بل بينهم وبين غيرهم من الأمم كذلك، وذلك لأن ما بينهم من خلاف ديني، إنما هو يسير جدًّا، إذا قيس بالعلوم الأخرى التي ذكرها، والتي لا يختلف فيها الناس، ولا أدري كيف نسي المفسر الفاضل، أن هذه الأمة لا يوحد بينها إلا الإسلام، ولا تجمعها إلا العقيدة، ولقد توحدت في يوم لم يكن لديها فيه علم من هذه العلوم، وإنما كانت تملك الإسلام وحده، وكان الإسلام يملك عليها كل شيء، وأن هذه العلوم قد كانت في كثير من الأحيان، سببًا في شقاء