للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخافة اليوم الآخر، لم تعظني ولم تزجرني، ولكنك كنت تعيش أمامي واليوم الآخر في حسابك، وذكراه في ضميرك وعلى لسانك ... إن صورتك مطبوعة في مخيلتي ونحن نفرغ كل مساء من طعام العشاء فتقرأ الفاتحة وتتوجه بها إلى روح أبيك في الدار الآخرة ونحن أطفالك الصغار نتمتم مثلك آيات منها متفرقات قبل أن نجيد حفظها كاملة).

تلقى علومه الأولية في الكتاتيب وهناك حفظ القرآن، واستمر في دراسته إلى أن تخرج في دار العلوم سنة ١٩٣٣ م وشغل مناصب كثيرة، وكان للمعاهد العلمية التي دخلها ولكتب التفسير التي قرأها باعث الأسف في نفسه كما يقول في مقدمة كتابه (التصوير الفني). لم أجد فيما أقرأ أو أسمع ذلك القرآن اللذيذ الجميل الذي كنت أجده في الطفولة والصبا، لقد طمست كل معالم الجمال فيه، وخلا من اللذة والتشويق ترى أهما قرآنان؟ والقرآن الذي كان يجده في الطفولة والصبا هو الذي عاد يبحث عنه إذا عاد إلى القرآن يقرؤه في المصحف لا في كتب التفسير، وعاد يجد قرآنه اللذيذ الجميل، قرآنه الذي يجد فيه صوره المشوقة اللذيذة التي يقول عنها (إنها ليست في سذاجتها التي كانت هناك لقد تغير فهمي لها فعدت الآن أجد مراميها وأغراضها.

ولقد عرف سيد في الوسط الأدبي بنشاطه وأسلوبه ونتاجه ودفاعه عن مدرسته التي ارتضاها لنفسه لقد تأثر بالعقاد، ومساجلاته مع الرافعي رحمه الله كانت مادة غزيرة للقراء في تلك الحقبة من الزمن، إلا أن هذا النشاط الأدبي لم يصرف حسّ سيد عن شعوره بجمال القرآن، وعدّه الأصل الأول للفن الأدبي والتصوير البياني.

وقد سافر إلى أمريكا موفدًا مرتين، فكان لذلك أثر كبير في نفسه، فلقد عاد بانطباعات عن الحضارة الغربية ومسالك أهلها، والتي سحرت الكثيرين غيره من أبناء المسلمين، أما هو فلقد أحدثت عنده رد فعل عنيف لا بما هاجمهما به فحسب، وإنما بتصميمه على أن الإسلام لا بد أن يبعث من جديد في أمته، وذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>