فوائد التقطتها من تفاسير السلف الغابر. وفرائد عثرت عليها في غضون الدفاتر، وزوائد استنبطتها بفكري القاصر، مما قادني الدليل إليه، وقوى اعتماده عليه. وسيحمد السابح في لججه، والسائح في حججه، ما أودعته من نفائسه القريبة البرهان، وأوردته من أحاديثه الصحاح والحسان، وبدائعه الباهرة للأذهان، فإنها لباب اللباب ومهتدى أولي الألباب. ولم أطل ذيول الأبحاث بغرائب التدقيقات، بل اخترت حسن الإيجاز في حل المشكلات، اللهم إلا إذا قابلت فرسان مضمار الحق جولة الباطلات، فهنالك أصوب ألسنة البراهين نحو نحور الشبهات ... هذا وقد حليت طليعته بتمهيد خطير في مصطلح التفسير، وهي قواعد فائقة وفوائد شائقة، جعلتها مفتاحًا لمغلق بابه ... فدونك أيها الباحث عن مطالب أعلى العلوم ... التائق لأسنى نتائج الفهوم، المتعطش إلى أحلى موارده، المنقب عن مصادر مقاصده، ينبوعًا لمعاني الفرقان، وعِقدًا ضم درر التبيان، وُقِفَ بك من الطريق السابلة على الظهر وخطب لك عرائس الحكم ثم وهب لك المهر، فقدِّم قدم عزمك، فإذا أنت بحول الله قد وصلت ... وفارق وهْدَ التقليد راقيًا إلى يفاع الاستبصار، وتسنّم أوج التحقيق في مطالع الأنظار، والبس التقوى شعارًا، والاتصاف بالإنصاف مثارًا، واجعل طلب الحق لك نحلة، والاعتراف لأهله ملة، ولا ترد مشرع العصبيّة، ولا تأنف من الإذعان إذا لاح وجه القضية أنفة ذوي النفوس العصيّة. فذلك مرعى لسُوّامها وبيل، وصدود عن سواء السبيل (١).
ثم يبدأ في تمهيده، الذي يبلغ ثلاثمائة وخمسين صفحة، يضمنه إحدى عشرة قاعدة في أول التفسير:
١ - قاعدة في أمهات مآخذه.
٢ - قاعدة في معرفة صحيح التفسير، وأصح التفسير عند الاختلاف.
٣ - قاعدة أن غالب ما صح عن السلف من الخلاف يرجع إلى اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد.